وقد نزل ذلك الشافعي منزلة المباشرة، ونص عليه بعض المالكية في الشراء والهبة، فيسري إلى باقيه.
ومن ذلك: لو عجَّز السيد مكاتبه، بعد أن اشترى شقصًا ممن يعتق على سيده، فانتقل إليه الملك بالتعجيز الذي هو سبب العتق لما أجازه، فهو كاختياره بسبب العتق بالشراء وغيره.
وفيه اختلاف لأصحاب الشافعي - رحمهم الله -، ويضعف هذا عن الأول؛ لأنه لم يقصد التمليك، وإنما قصد التعجيز، فحصل العتق ضمنًا بخلاف الأول؛ فإنه منزل منزلة المباشرة باختيار التمليك بالقبول، فهو أقوى من التعجيز الذي حصل العتق فيه ضمنًا، والله أعلم.
ولا فرق بين الاختيار في الملك وبين الاختيار في سببه، فلو أكره على العتق بحق حكم عليه به شرعًا، نفذ مكان ذلك خارجًا عن حكم الإكراه، ولم يدخل تحت اختياره سبب العتق، ففرق بين اختياره ما يوجب العتق في نفس الأمر، وهو سبب العتق، وبين اختياره ما يوجبه ظاهرًا.
فعلى هذا، إذا قال أحد الشريكين لصاحبه: قد أعتقت نصيبك، وهما معسران عند هذا القول، ثم اشترى أحدهما نصيب صاحبه، فإنه يحكم بعتق النصيب المشترى عنده؛ مؤاخذة للمشتري بإقراره، فهل يسري إلى نصيبه بمقتضى ما قررناه؟ إنه لا يسري؛ لأنه لم يختر ما يوجب العتق في نفس الأمر وإنما اختار ما يوجب الحكم به ظاهرًا.
وقال بعض القدماء من الحنابلة: يعتق جميعه، وهو ضعيف، والله أعلم.
ومنها: لو علق عتق نصيبه من العبد المشترك على صفة، فوجدت الصفة، عتق، وكان ذلك قائمًا مقام العتق المنجز في السراية والتقويم.
وأما العتق إلى أجل، فاختلف المالكية فيه:
والمنقول عن مالك وابن القاسم - رحمهم الله -: أنه يقوم عليه الآن، فيعتق إلى أجل، وقال سحنون: إن شاء الممسك، قومه الساعة، فكان عتقه إلى سنة