الصحابة، وهما أصغرُ منه، فليتفطَّنْ لذلك!! والله أعلم (١).
وأمَّا قوله:"شُكِيَ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ": فهو -بضم الشين، وكسر الكاف- مبني لما لم يسمَّ فاعلُه، والرجل: مرفوع.
ولم يذكر هنا الشاكي، وجاء في رواية للبخاري أنَّ السائلَ هو: عبد الله ابن زيدٍ الرَّاوي.
قال بعض الحفاظ: وينبغي ألا يتوهمَ بهذا أنَّ شكي مفتوحُ الشين والكاف، ويجعل الشاكي هو: عمه المذكور؛ فإنَّ هذا الوهم غلط، والله أعلم.
وقوله:"يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ": المشارُ إليه بالشيء هو: الحركة التي يظن بها أنها حدث، وليس كذلك.
ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أو يَجِدَ رِيحًا":
معناه: يعلم وجودَ أحدهما، ولا يشترط اجتماعُ السماع والشمِّ بإجماع المسلمين، ومعناه: حتى يتيقن خروجَه.
وهذا الحديث: أصلٌ من أصول الإسلام، وقاعدةٌ من قواعد الفقه، وهي: أنَّ الأشياءَ يُحكم ببقائها على أصولها، حتى يُتيَقَّنَ خلافُ ذلك، ولا يضرُّ الشكُّ الطارئُ عليها.
والعلماء -فيما نعلم- متفقون على هذه القاعدة، لكنَّهم مختلفون في كيفية استعمالها:
مثاله: مسألة الباب التي دلَّ عليها الحديث؛ وهي: أنَّ من تيقن الطهارة، وشكَّ في الحديث، حُكم ببقائه على الطهارة، سواء حصل الشك في الصلاة، أو خارجها، وهذا مذهب الشَّافعي، وجمهور علماء السلف والخلف، إعمالًا
(١) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٥/ ٨١)، و"الثقات" لابن حبان (٥/ ١٤١)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (١/ ٢٤٣)، و"تهذيب الكمال" للمزي (١٤/ ١٠٨)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٣/ ٦١٢)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (٥/ ٧٩).