للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزالته، لا لكونه ليس بنجسٍ، وحكاية ابن بطال، ثم القاضي عياض، عن الشَّافعي وغيره أنهم قالوا: هو طاهر ويُنَضحُ باطلة قطعًا.

ولا خلاف في مذهب الشافعي في جواز نضحه؛ وهو قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وابن وهب من أصحاب مالك، وروي عن أبي حنيفة؛ عملًا بهذا الحديث.

والفرق بينه وبين الصبية في الحديث الآخر: "يُغْسَلُ بَوْلُ الجارِيَةِ، ويُنْضَحُ بَوْلُ الغُلامِ؛ ما لَمْ يَطْعَمْ" رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، من رواية علي - رضي الله عنه - مرفوعًا، وقال الترمذي: حديث حسن (١).

وقد حكى صاحب "التتمة" (٢) من أصحاب الشافعي، ثلاثةَ أوجه فيهما:

أحدها: يُغسل منهما.

والثاني: يُنضح منهما.

والثالث: التفرقةُ بينهما؛ وهو الصحيح، والوجهان الأولان شاذان ضعيفان.

وممن قال بوجوب الغسل منهما: مالك، وأبو حنيفة -في المشهور عنهما-، وأهل الكوفة، وكأنهم اتبعوا القياس على سائر النجاسات، ولم يبلغهم الحديث، أو بلغهم، وأوَّلوا الحديث في قوله: "ولم يغسله" على أنَّه: لم يغسله غسلًا مبالَغًا فيه كغيره، فسمِّي الأبلغُ: غسلًا، والأخفُّ: نضحًا؛ وهو خلافُ الظاهر، يحتاج إلى دليل يقاوم هذا الظاهرَ، ويبعده التفرقة بين النضح والغسل في الحديث المذكور؛ وهي تقتضي المغايرة، واعتلَّ بعضهم في هذا: بأنَّ بولَ الصبي يقع في محل واحد، وبول الصبية يقع منتشرًا؛ فيحتاج من صبِّ الماء في


(١) رواه أبو داود (٣٧٧)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب الثوب، والترمذي (٦١٠)، كتاب: الطهارة، باب: ما ذكر في نضح بول الغلام الرضيع، وابن ماجه (٥٢٥)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الَّذي لم يطعم.
(٢) تقدم ذكر كتاب "التتمة" للمتولّي، والتعريف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>