للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف أصحاب الشَّافعي في وقت وجوبه؛ هل هو حصول الجنابة بالتقاء الختانين، أم بإنزال المني، أم بهما؟ أم لا يجب إلَّا عند القيام إلى الصلاة؟ على أوجه.

ومن قال: يجب الغسل بحصول الجنابة، قال: يجب وجوبًا موسعًا.

واستدل من لم يوجب الوضوء بحديث الأسود، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام وهو جنب، ولا يمس ماء، وهو حديث حسن رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (١).

وضعَّفه بعضهم، واختلفوا في تأويله على تقدير صحته على وجهين:

أحدهما: ما ذكره ابنُ سُريج، والبيهقي: أنَّ المراد أنَّه لا يمس ماءً للغسل.

والثاني: وهو الراجح عند جماعة: أنَّ المراد أنَّه كان في بعض الأوقات لا يمس ماءً أصلًا؛ لبيان الجواز، إذ لو واظب عليه؛ لتوهم وجوبه.

واختلف العلماء في علة شرعية الوضوء للجنب قبل أن ينام؟

فقال أصحاب الشافعي: لتخفيف الحدث؛ فإنَّه يرفعه عن أعضاء الوضوء.

وقال غيرهم: علته أن يثبت على إحدى الطهارتين؛ خشية الموت في منامه.

وقيل: بل لعلة أَنْ ينشطَ إلى الغسل؛ إذ نال الماء أعضاءه.

وبنوا على هاتين: وضوء الحائض إذا أرادت النوم:

فَمَنْ عَلَّلَ بالنوم على إحدى الطهارتين: استحبه لها.

ومن عَلَّلَ بحصول النشاط: لم يستحبه؛ لعدم حصول رفع الحيض، فلا يؤثر في حدثها.

وقد نصَّ الشَّافعي، وأصحابه: على أنَّه لا يستحب الوضوء للحائض،


(١) رواه أبو داود (٢٢٨)، كتاب: الطهارة، باب: في الجنب يؤخر الغسل، والنسائي في "السنن الكبرى" (٩٠٥٢)، والترمذي (١١٨)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل، وابن ماجه (٥٨١)، كتاب: الطهارة، باب: في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>