مستحاضة ناسيةِ التوقيت، والعدد؛ يجوز في مثلها: أَنْ ينقطعَ الدمُ عنها في وقت كل صلاة.
وقد اختلف العلماء من السلف، والخلف في وجوب الغسل على المستحاضة لكل صلاة، فقال الجمهور من السلف والخلف: لا يجب الغسلُ عليها لشيء من الصلوات، ولا في وقت من الأوقات، إلا مرةً واحدة في وقتِ انقطاعِ حيضها؛ وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة -رضي الله عنهم-؛ وهو قول عروةَ بنِ الزبير، وأبي سلمةَ بنِ عبد الرحمن، ومالكٍ، وأبي حنيفةَ، وأحمدَ.
ورُوي عن ابنِ عمرَ، وابن الزبير، وعطاءِ بنِ أبي رباحٍ: أنهم قالوا: يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة.
ورُوي عن عائشةَ: أنها قالت: تغتسل كل يوم غسلًا واحدًا.
وعن المسيب، والحسن، قالا: تغتسل من صلاة الظهر إلى صلاة الظهر، دائمًا، والله أعلم.
ودليل الجمهور: أن الأصل عدم الوجوب؛ فلا يجب إلا ما ورد الشرع بإيجابه، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرها بالغسل إلا مرةً واحدةً عند انقطاع حيضها؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبلتِ الحيضةُ؛ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرت؛ فاغتسلي"(١)، وليس في هذا ما يقتضي تكرارَ الغسل، والله أعلم.
وفي حديث عائشة: ردُّ على من قال: يُجمع بين كل صلاتين بغسل واحد.
وفيه: ما كانت الصحابة -رضي الله عنهم- في الرجوع؛ فيما يحدث لهم من أمورهم كلها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسؤال عن الأحكام، والجواب عنها، والله أعلم.
وفيه دليل على: إثبات الاستحاضة، وأن حكم دمها غير دم الحيض.
(١) رواه البخاري (٣١٤)، كتاب: الحيض، باب: إقبال المحيض وإدباره، عن عائشة - رضي الله عنها -.