وقولها:"وكان يأمرُني، فَأَتَّزِرُ"؛ معناه: أشدُّ إزارًا، أسترُ به سُرَّتي، وما تحتَها إلى الركبة.
وقولها:"فيباشرُني؛ وأنا حائضٌ"، معناه: يباشرني بجميع أنواع الاستمتاع من القبلة، والمعانقة، وبالذَّكَر فيما فوق الإزار فوق السرَّة، وتحت الركبة وهو حلالٌ باتفاق العلماء، ونقل جماعةٌ الإجماعَ عليه، منهم: الشيخ أبو حامد الإسفراييني، وغيره.
ولا يغتر بما حكي عن عبيدة السلماني، وغيره: مِنْ أَنَّه لا يباشرُ شيئًا منها بشيء منه؛ فإنه منكرٌ غيرُ مقبولٍ، ولو صحَّ، لكان مردودًا بالأحاديث الصحيحة في مباشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقَ الإزار، [بفعله] وإذنه:
أما فعلُه: ففي هذا الحديث، وغيره.
وأما إذنه: ففي قوله - صلى الله عليه وسلم - في "صحيح مسلم"، عن أنس - رضي الله عنه -: "اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكاحَ"(١)؛ يعني: الوطْءَ في الفرج، أو فيما دون السرة، وفوق الركبة.
ولو تركنا، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجرده؛ لم يكن فيه دليل على الإباحة، أو المنع؛ لما تقرر أن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على الوجوب، على المختار عند الأصوليين، وغيرهم من العلماء.
وأمَّا المباشرة بالجماع للحائض في الفرج، فهو حرام بنص القرآن العزيز، والسنة الصحيحة، وإجماع المسلمين:
فلو فعله معتقدًا حِلَّه، صار كافرًا مرتدًا.
ولو فعله غيرَ معتقدٍ حله، فإن كان ناسيًا، أو جاهلًا وجوده، أو تحريمَه، أو مكرَهًا: فلا إثم عليه، ولا كفارة.
وإن وطئها عالمًا بالحيض والتحريم مختارًا، فقد ارتكب معصية كبيرة؛ نص
(١) رواه مسلم (٣٠٢)، كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد.