للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغلس -باللام-، وهي كلها: في آخر الليل، ويكون الغبس: في أول الليل.

وقولها: "يصلِّي الفجرَ"؛ يقال: صلَّى الفَجر، وصلَّى الصبحَ، وصلَّى الغَدَاةَ؛ أي: صلَّى صلاةَ كذا، على حذف المضاف، ولا كراهة في ذلك، فكله ثابت في الصحيح.

وكره بعضهم صلاةَ الغداةِ، وهو مرجوحٌ ضعيف.

لكن قال الشَّافعيُّ: سماها الله الفجرَ، وسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبحَ؛ فلا أحب أن تسمى بغيرهما (١).

وفي هذا الحديث:

دليل على: استحباب التبكير بصلاة الصبح، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والجمهور، وقال أبو حنيفة: الإسفار أفضل.

وجه الدلالة للجمهور: أَنَّ الغلسَ لا يكون إلا مع الظلمة، مع ما ثبت من طول قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح، حتى إنه كان يقرأ ما بين الستين إلى السبعين مع الترتيل والتدبر.

واستدل أبو حنيفة بحديث ضعيف: "أسفروا بالفجرِ؛ فإنَّه أعظمُ للأجرِ" (٢).

وتأوله الجمهور -على تقدير ثبوته- على التبكير بالصلاة، لا على غلبة الضياء وظهوره؛ جمعًا بين فعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله، والله أعلم.

وفيه دليل على: جواز حضور النساء الجماعة بالمسجد مع الرجال، وهو مقيد بما إذا أمنت المفاسد؛ من الافتتان، وغيره، إما عليهنَّ، أو بهنَّ.

وليس في الحديث ما يدل على كونهنَّ عجزًا، أو شَوابَّ، وقد كره بعضهم


(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١/ ٧٤).
(٢) رواه أبو داود (٤٢٤)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت الصبح، والنسائي (٥٤٨)، كتاب: المواقيت، باب: الإسفار، والترمذي (١٥٤)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الإسفار بالفجر، وابن ماجه (٦٧٢)، كتاب: الصلاة، باب: وقت صلاة الفجر، عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - بلفظ: "أسفروا بالفجر" وبلفظ: "أَصْبِحوا بالصبح".

<<  <  ج: ص:  >  >>