للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا دل الدليل على أن ما وجب في العبادة كان شرطا فيها غالبا، كان ذكره - صلى الله عليه وسلم - هذا لهم دليلًا على: وجوب الحضور، ووجوبه دليلًا على الشرطية؛ فحينئذٍ، يكون ذكر الهم دليلًا على لازم الحضور؛ وهو الاشتراط بالوسيلة المذكورة، فلا يشترط في البيان أن يكون نصًّا، وقد قيل: إن اشتراطه في النصية غالب، ولهذا ينفك الوجوب عن الشرط.

ثم لو سلم ذلك جميعُه، لكان المراد بالتخلف عن الجماعة في الجمعة، لا غيرها، والجماعةُ شرط فيها، وقد ورد مفسَّرًا في بعض الروايات؛ كما قدمناه، لكنه ورد مفسرًا في غيرها؛ فلا يتم أن المراد الجمعة فقط؛ فحينئذٍ، يرجع البحث إلى الأحاديث التي رويت في ذلك؛ هل هي حديث واحد، أو أحاديث مختلفة؟

فإن كانت مختلفة، قيل: لكل واحد من الصلوات المذكورة.

وإن كانت واحدًا، اختلف فيه؛ فيرجع البحث إلى أن عدم ترجيح بعض الروايات على بعض؛ يحتاج إلى بيان مراده - صلى الله عليه وسلم -، من إحدى الصلاتين: العشاء، والجمعة.

فإن كان مراده الجمعة؛ فلا يتم الدليل.

وإن كان العشاء؛ توقف الحال بتردد الاستدلال.

ثم لو سلم ما قالوه، إنما يكون ذلك في صلاة معينة؛ وهي: إما الجمعة، وإما العشاء، وإما الفجر، خصوصًا على مذهب الظاهرية؛ فلا يلزم منه وجوب الجماعة في غير هذه الصلوات الثلاثة؛ عملًا بالظاهر، وترك اتباع المعنى.

إلا أن يضم إلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنْ آمرَ بالصلاةِ فتقام" على عمومها، وحينئذٍ يحتاج إلى اعتبار الحديث، وسياقه، وما يدل عليه، فيحمل لفظُ الصلاة عليه، إن أُريدَ التحقيقُ، وطلبُ الحق، والله أعلم.

ومنها: تقديم الوعيدِ والتهديدِ على العقوبة، وسرُّ ذلك أنه إذا أمكن دفعُ المفسدة بالأهون من الزاجر، لم يعدل إلى الأعلى والأصعب منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>