فليس في الحديث تعرض له، لكن إن احتاج المسجد، أو الناس إلى أكثر؛ اتخذ ثلاثة، أو أكثر بحسب الحاجة، وقد اتخذ عثمان - رضي الله عنه - أربعة؛ للحاجة عند كثرة الناس.
قال العلماء من أصحاب الشافعي، وغيره: يستحب ألا يزاد على أربعة، إلا لحاجة ظاهرة، قالوا: وإذا ترتب للأذان اثنان فصاعدًا؛ فالمستحب ألا يؤذنوا دفعة، بل:
إن اتسع الوقت: يرتبوا فيه، فإن تنازعوا في الابتداء به؛ أُقرع بينهم.
وإن ضاق الوقت: فإن كان المسجد كبيرًا؛ أَذَّنوا متفرقين في أقطاره، وإن كان ضيقًا؛ أذنوا دفعة، بشرط أن تحصل كلمات الأذان، من كل واحد منهم، وألا يحصل من اختلاف الأصوات تهويش، فإن أدى إلى ذلك: لم يؤذن إلا واحد، فإن تنازعوا: أقرع.
وأما الإقامة: فإن أذنوا على الترتيب: فالأول أحقُّ بها، فإن كان هو المؤذنَ الراتب، أو لم يكن هناك مؤذنٌ راتب؛ فإن كان الأولُ غيرَ المؤذن الراتب، فأيُّهما أولى بالإقامة؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي؛ أصحهما: أن الراتب أولى؛ لأنه منصبه.
ولو أقام، في هذه الصور، غيرُ من له ولاية الإقامة؛ اعتُدَّ به على الصحيح، الذي قاله جمهور أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا يُعْتَدُّ به؛ كما لو خطب واحد، وأمَّ بهم غيرُه؛ فلا يجوز على قول.
وأما إذا أذنوا معًا: فإن اتفقوا على إقامة واحد؛ جاز، وإلا: فيُقرع.
قالوا: ولا يقيم في المسجد الواحد إلا واحد، إلا إذا لم تحصل الكفاية بواحد، قال: ولا بأس أن يقيموا معًا؛ إذا لم يؤدِّ إلى التهويش، وبشرط أن تصدر كلمات الإقامة منهم كلِّهم؛ فلو صدر بعضها من بعضهم، والبعض من الآخرين؛ لم تصح الإقامة، والله أعلم.