للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعلق لذلك من الحديث: أنه لو ثبت الحكم في أهل قباء قبل بلوغ الخبر إليهم؛ لبطل ما فعلوه؛ من التوجه إلى بيت المقدس، فلم ينعقد، ويجب الإعادة في بعضها، فتبطل.

ومنها: جواز مطلق النسخ؛ لأن كل ما دل على جواز الأَخَصِّ دل على جواز الأَعَمِّ.

ومنها: قد يؤخذ منه جواز الاجتهاد في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، أو بالقرب منه؛ لأنه كان يمكن قطع الصلاة، وأن يثبتوا على ما فعلوا، فرجحوا البناء؛ وهو محل اجتهاد.

وقد حكى الماوردي من الشافعية في "الحاوي" (١) وجهين لأصحاب الشافعي؛ في أن استقبال بيت المقدس كان ثابتًا بالقرآن، أم باجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

وقال القاضي عياض: الذي ذهب إليه أكثر العلماء؛ أنه كان بسنة، لا بقرآن (٢).

فعلى هذا: فيه دليل لمن يقول: إن القرآن ينسخ بالسنة؛ وهو قول أكثر الأصوليين المتأخرين؛ وهو أحد قولي الشافعي.

والقول الثاني له، وبه قال طائفة: لا يجوز؛ لأن السنة مبيَّنة، فكيف تنسخها؟ وهؤلاء يقولون: لم يكن استقبال بيت المقدس بسنة؛ بل بوحي من الله تعالى، قال الله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} الآية [البقرة: ١٤٣].

واختلفوا -أيضًا- في عكسه؛ وهو نسخ السنة بالقرآن؛ فجوزه الأكثرون، ومنعه الشافعي وطائفة، وتقدم ذلك وأدلته.

وأما الأحكام الفروعية: فمنها: أن قولهم: الليلة؛ يطلق على الماضية، ولا يراد بها المستقبلة إلا بقرينة، أو دليل.

ومنها: جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين؛ وهذا هو الصحيح عند الشافعية؛


(١) انظر: "الحاوي" للماوردي (٢/ ٦٧).
(٢) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>