بحيث لا يخل بالفرائض، والسنن؛ وهذا الحكم مذكور في الحديثين المذكورين، مع علته.
ثم المشقة في التطويل: أمرٌ إضافي؛ فليس المعتبر فيه عادة بعض المصلين الجاهلين المقصرين، ولا الغالين المتنطِّعين؛ بل هو معتبر بما قاله العلماء.
فلا يزيد في القيام؛ بالقراءة الطويلة المملة المؤدية إلى كراهية الصلاة، ولا في الركوع، والسجود؛ على ثلاث تسبيحات، ونحوها، من دعاء في السجود، وتعظيم في الركوع؛ كما كان - صلى الله عليه وسلم - يفعل؛ مع أمره بالتخفيف، [وشدة غضبه في الموعظة، في إطالة الإمام الصلاةَ بهم؛ فهذا لا يعدُّ طولًا ومشقَّة، شرعًا؛ بل التخفيف عنه مكروه](١)، وعن الواجب حرام.
ثم العلة في كراهة التطويل: إنما هو التنفير عن الخير، بسبب المشقة الحاصلة منه، مع الحاملة على: ترك العبادة، أو الدخول فيها بغير انشراح، أو تملل، أو شغل القلب بكراهته؛ عن الحضور في الصلاة، والخشوع؛ اللذين هما مقصودها، والمطلوب منها، والله أعلم.
ثم غضبه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الموعظة: إما لمخالفة العلم في تخفيف الصلاة، أو التقصير في تعلمه، أو لهما، والله أعلم.
ثم تطويل الإمام في الصلاة عذرٌ في التخلف عن حضور الجماعة، إذا عُلم من عادة الإمام التطويلُ الكبير؛ لهذا غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موعظته؛ لكونِ التطويل على المأمومين سببًا لترك الجماعة، وربما يكون في حق بعض الجهال سببًا لترك الصلاة.
ولا شك أن ترك أصل الجماعة حرام، وبعضهم يقول: إن تركها بعض الناس؛ بحيث قام شعارها في الناحية، لم يحرم، وبعضهم يقول: إنَّ تركها مكروه مخالف للسنة.
وقد روى أبو حاتم بن حبان في "صحيحه"، من رواية سعيد بن جبير، عن