وهذا كقوله تعالى:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، وكل واحد من العفو، والمغفرة، والرحمة؛ صفة لها أثر في محو الذنب.
ففي الأمر الأول: نظر إلى كل واحد من أفراد الألفاظ، وفي الثاني: نظر إلى كل فرد من أفراد المعاني؛ وكلاهما دالان على: الغاية في محو الذنب، والتطهير منه.
وفي هذا الحديث مسائل:
منها: استحباب هذا الذكر؛ بين تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، وغيره؛ وهو مستحب عند الشافعي، وجمهور العلماء، والحكمة فيه: تمرين النفس على انشراحها لأفضل الأذكار، وتدبرها؛ وهي: الفاتحة، وما شرع معها من القراءة -والفاتحة: واجبة-.
وأوجبَ جماعةٌ من السلف: قراءةَ شيء معها؛ بأحاديثَ حسنة، رواها أبو داود، وغيره، وجمهورُ العلماء: على استحبابه.
ومنها: تفدية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالآباء والأمهات؛ وهو مجمَع عليه، وهل يجوز تفدية غيرهِ من المؤمنين؟ على ثلاثة مذاهب:
الصحيح: جوازه بلا كراهة.
ومنهم من منعها؛ وجعلها خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وله أن يفدِّيَ من شاء، بلا خلاف.
ومنهم من فَصَّل؛ فقال: يجوز تفديةُ العلماء الصالحين الأخيار، ولا يجوز تفديةُ غيرهم؛ لأنهم هم الورَّاثُ المنتفَع بهم، بخلاف غيرهم.
ومنها: استعمال المجاز، وتسمية الكلام السر سكوتًا.
ومنها: السؤال عن العلم للفضلاء دون غيرهم.
ومنها: تخصيص الإمام نفسَه بالدعاء، دونَ المأمومين؛ فإن الظاهر منه - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان إمامًا؛ فيحتمل النهي الوارد في تخصيص الإمامِ نفسَه به، وأنه خانهم، على: كراهة التنزيه، لا التحريم؛ بيانًا للجواز.