واختلفوا في: أنها آية من أول كل سورة، أو بعض آية، أو ليست بآية؛ على أوجه، وقد صنف فيها جماعة كتبًا من المتقدمين، والمتأخرين، المثبتين لها، والمخالفين، وفي الجهر بها.
ولا شك أنها ثابتة في رسم المصحف؛ أول الفاتحة، وكل سورة إلَّا براءة.
قال الشعبي: كان يكتب على عهد رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - في بدء الأمر؛ على رسم قريش: باسمك اللهم، حتى نزلت:{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا}[هود: ٤١]، كتب: باسم الله، حتى نزلت:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء: ١١٠]، كتب: باسم الله الرحمن، حتى نزلت:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[النمل: ٣٠]، كتب مثلها (١).
وأما من قال: إنها ليست من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، قال: الافتتاح بها للتيمن والتبرك، ومن قال: بأنها من الفاتحة، وليست من سائر السور، قال: إنَّما كتبت للفصل.
وقال الثوري، وابن المبارك: هي آية من الفاتحة، ومن كل سورة، إلَّا سورة التوية.
واتفق العلماء على: أن الفاتحة سبع آيات:
فالآية الأولى عند من يعدها منها:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وابتداء الآية الأخيرة:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، إلى آخرها.
ومن لم يعدها من الفاتحة، قال: ابتداؤها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وابتداء الآية الأخيرة:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}.
واحتج من جعلها من الفاتحة، ومن السور: بأنها كتبت في المصحف، بخطِّ القرآن.
(١) رواه ابن سعد في "الطقات الكبرى" (١/ ٢٦٣)، وعبد الرَّزاق في "تفسيره" (٣/ ٨١)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (٦/ ٣٥٤ - الدر المنثور للسيوطي).