حمار، فرواية البخاري استعمالُ لفظ الحمار فيما يعم الذكر والأنثى، وبين أنه أنثى، ومثله للفظ الحمار الشاةُ والإنسانُ.
وقوله:"ناهزت الاحتلام"؛ أي: قاربته، وهو يصحح قول من قال: إن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مات كان عمر ابن عباس ثلاث عشرة سنة، خلافًا لمن قال غير ذلك؛ كسعيد بن جبير، وأحمد بن حنبل؛ مما لا يقارب البلوغ.
وقوله:"فأرسلت الأتان ترتع"؛ أي: ترعى.
وقوله:"يصلي بمنى"؛ فيها لغتان: الصرفُ، وعدمُه، ولهذا تكتب بالألف والياء، والأجودُ صرفُها وكتابتُها بالألف، وسميت منى؛ لما يُمنى فيها من الدماء؛ أي: يراق، ومنه قوله تعالى:{مِن مَنِيٍّ يُمْنَى}[القيامة: ٣٧].
وقوله:"فلم ينكر ذلك علي أحد"، استدلاله على عدم بطلان الصلاة لمروره بعدم الإنكار منهم لفعله لفائدتين:
إحداهما: أنه غير مؤاخذ بفعله، ومرورِ الحمار بين يدي بعض الصف.
أمَّا فعلُه، فإنه لو كان في سن الصغر وعدم التمييز، لاحتمل أن يكون عدم الإنكار عليه لعدم مؤاخذته بسبب صغر سنه، لكنه نبه عليه بقوله: ناهزتُ الاحتلام، تأكيدًا لعدم بطلان الصلاة بمرورِ من هو في هذا السن، ولم يستدل بعدم استئنافهم الصلاة بدلًا عن عدم إنكارهم؛ لأنه أكثر فائدة، فإنه إذا دل عدم إنكارهم على أن هذا الفعل غيرُ ممنوع من فاعله، دل على عدم إفساده الصلاة؛ إذ لو أفسدها، لامتنع إفساد صلاة الناس على المار، ولا ينعكس هذا، وهو أن يقال: لو لم يفسد، لم يمتنع على المار؛ لجواز ألا يفسد الصلاة، ويمتنع المرور على المار؛ كما يقول في مرور الرجل بين يدي المصلي؛ حيث يكون له مندوحة: إنه ممتنع عليه المرور، وإن لم يفسد الصلاة على المصلي، فثبت بهذا أن عدم الإنكار دليلٌ على الجواز، والجواز دليلٌ على الإفساد، وأنه لا ينعكس، فكان الاستدلال بعدم الإنكار أكثرَ فائدة من الاستدلال بعدم استئنافهم الصلاة.