وقد استدل بعض الفقهاء على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء بناء على أن لمسه - صلى الله عليه وسلم - كان دون حائل، ولا يصح هذا لاحتمال ظاهر أن لمسه - صلى الله عليه وسلم - كان فوق حائل، فلا يكون فيه دليل على المسألة؛ للاتفاق على أن اللمس فوق حائل غير ناقض، أما اللمس دون حائل، فقد اختلف فيه، فقال بعضهم: إن كان دون لذة، لا ينقض، وإن كان بلذة، نقض، وقال بعضهم: ينقض وإن كان دون لذة؛ لعموم دليل اللمس، وهو قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[المائدة: ٦]؛ حملًا له على مجرد اللمس، وبالجملة: الظاهرُ من حال النائم أن يكون لمسُ المصلي إياه فوقَ حائل، والله أعلم.
وقولها:"والبيوتُ يومئذٍ ليس فيها مصابيحُ"، أرادت به الاعتذار عن عدم قبضها رجليها عندَ سجوده - صلى الله عليه وسلم - وعلمها به بالظلمة؛ حيث لا ضوء في البيت كيلا تحوجه - صلى الله عليه وسلم - إلى طعن رجليها بإصبعه -لو كان فيها مصابيح- عند سجوده، ويحتمل أنها ذكرت ذلك لتأكيد الاستدلال على حكم من الأحكام الشرعية، إما لاغتفار صلاة المصلي إلى النائم، أو إلى المرأة، أو لفعل مع الغمز في الصلاة للحاجة، والله أعلم.
وفي الحديث مسائل:
منها: جواز الصلاة إلى النائم، وإن كان امرأة، بلا كراهة، وقد كرهه بعضهم؛ لحديث ورد فيه، وحمل بعض العلماء هذا الحديث على جواز ذلك، وخصوصيه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره؛ لتنزهه عما يعرض لغيره في الصلاة من الفتنة بالمرأة، واشتغال القلب بها، والنظر إليها وتذكرها، مع أن الحالة كانت بالليل، والبيوت ليس فيها مصابيح.
ومنها: أن المرأة لا تقطع صلاة، وقد مر الكلام في هذه المسألة في الحديث قبله، وقد يفرق في المعنى بين مرورها ونومها، فإن المرور قد يهوش القلب عن الصلاة أكثر من النوم في الظلمة وعدم الرؤية.