للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث، وهو أضعف من المسألة الثانية؛ لضعف هذا الحديث، ولا بد من صحته وقوته في الصحة قوة تعارض الحديثين الأولين في المسألة قبلها؛ فإنهما صحيحان، ثم بعد التجاوز عن هذه المطالبة، وتقدير تسليم الصحة له يعود الأمر إلى تعارض أمرين كما ذكرنا، فيصير كل واحد عامًّا من وجه، خاصًّا من وجه، والله أعلم.

الرابعة: إذا دخل المسجد مجتازًا، هل يركعهما؟

حقق ذلك مالك.

قال شيخنا أبو الفتح - رحمه الله -: وعندي أن دلالة هذا الحديث لا تتناول هذه المسألة، فإنا إن نظرنا إلى صيغة النهي، فهو يتناول جلوسًا قبل الركوع، فإذا لم يحصل الجلوس أصلًا، لم يعقل النهي، وإن نظرنا إلى صيغة الأمر، فالأمر يوجد بركوع قبل جلوس، فإذا انتفيا معا، لم يخالف الأمر، والله أعلم (١).

الخامسة: ركعتا التحية مشروعة لكل مسجد يدخله:

لتناولِ لفظِ الحديث كل مسجد، وقد أخرجوا عنه المسجدَ الحرام، وجعلوا تحيته الطوافَ، وقد كره أبو حنيفة وأحمد ركعتي الطواف في أوقات النهي بمكة، فإن كان في تحية المسجد خلاف فيهما، فلمخالفهم أن يستدل بهذا الحديث، وإن لم يكن خلاف، فالسبب في ذلك النظر إلى المعنى، وهو أن المقصود افتتاح دخول المسجد بعبادة، وافتتاحُ دخول المسجد الحرام بالطواف عبادةٌ تحصل هذا المقصود، مع أن غيره من المساجد لا يشاركه فيها، فاجتمع فيه تحصيلُ المقصود معَ الاختصاص، كيف وهو الموجود من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في


= صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر، لا يصلي إلا ركعتي الفجر. وأصله في "الصحيحين"، فقد رواه البخاري (٥٩٣)، كتاب: الأذان، باب: الأذان بعد الفجر، ومسلم (٧٢٣)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب ركعتي سنة الفجر، عن حفصة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بدا الصبح، صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>