للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما ابن مسعود، فتقدم الكلام عليه في أول كتاب الصلاة.

وأما ألفاظه، فقوله: التحيات، هي جمع تحية، وهي الملك، وقيل البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: الحياة، وقيل: السلام، فإذا حمل على السلام، فيكون التقدير: التحيات التي تعظم بها الملوك مثلًا كلُّها مستحقةٌ لله تعالى، وأتى بها بلفظ الجمع؛ لأن ملوك العرب كل واحد منهم يحييه أصحابه بتحية مخصوصة، فقيل؛ جميع تحياتهم لله تعالى، وهو المستحق لذلك حقيقة، وإذا حمل على البقاء، فلا شك في اختصاص الله تعالى به، وإذا حمل على الملك والعظمة، فيكون معناه: الملك الحقيقي التام، أو العظمة الكاملة لله؛ لأن ما سوى ملكه وعظمته تعالى فهو ناقص.

وقوله: "والصلوات" الواو تقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيكون حينئذ كلُّ جملة ثناء مستقلًا، وهو أبلغ، ومعناها: الصلوات المعهودة، ويكون التقدير أنها واجبة لله تعالى، لا يجوز أن يقصد بها غيره، أو يكون ذلك إخبارًا عن إخلاصنا الصلواتِ له؛ أي: صلاتنا مخلصة له لا لغيره، [وقيل: معناها: الرحمة، فيكون معنى إضافتها إلى الله؛ أي: هي للمتفضل بها، والمعطي هو الله؛ لأن الرحمة التامة لله لا لغيره] (١)، وقدر بعض المتكلمين هذا المعنى بأن قال: كلُّ من رحم أحدًا، فرحمتُه له بسبب ما حصل له من الرقة عليه، وهو برحمته دافع لألم الرقة عن نفسه، بخلاف رحمة الله تعالى؛ فإنما [هي] لمجرد إيصال النفع إلى العبد، وقيل: معناها: الدعوات والتضرع.

وقوله: "والطيبات" فقد فسرت بالأقوال الطيبات، ولو فسرت بما هو أعظم من الأفعال والأقوال والأوصاف، كان أولى، وطيب الأوصاف كونها بصفة الكمال، وخلوصها عن شوائب النقص.

وقوله: "السلامُ عليكَ أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلامُ علينا وعلى


= (١/ ٣٠١)، كتاب: الصلاة، باب: التشهد في الصلاة، وهذا لفظ مسلم.
(١) ما بين معكوفين ساقط من: "ح".

<<  <  ج: ص:  >  >>