وهو ظاهر جميع روايات الحديث، قال القاضي عياض: وهو أولى من تأويل أبي صالح (١).
وقوله:"ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ منكم" يدل على ترجيح هذه الأذكار على فضيلة المال، وعلى أن تلك الفضيلة للأغنياء مشروطة بألا يفعل هذا الفعل الذي أمر به الفقراء، ويدل على تعليم كيفية هذا الذكر، ولا شك أن جمعه والإتيان بكل كلمة منه على حدة فرادى جائز، لكن جمعه راجح؛ لأن العدد في الجملة يحصل في كل فرد من العدد، كيف وهو ظاهر الحديث؟
وفي الحديث فوائد:
منها: السؤال عن الأعمال المحصلة للدرجات العالية والنعيم الدائم والمسابقة إليها.
ومنها: فضل من جمع الله له بين خير الدنيا والآخرة من الصلاة والصوم والصدقة والعتق والذكر.
ومنها: أن من نقص شيئًا مما ذكر، كان مفضولًا بالنسبة إلى من أتى به.
ومنها: أن من كان فقيرًا صابرًا هل يقوم فقره وصبره مقام غنى الغني وشكره في الفضل، أم يترجح أحد المقامين على الآخر إذا خلا عما يقترن بكل واحد منهما من الإطغاء والإنساء وغيرهما من محبطاته؟ ولا شك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان غنيًّا بالله تعالى، شاكرًا له، فقيرًا إليه، صابرًا على جميع أحواله، مع أن هذا الحديث يقتضي تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر بسبب القربات المتعلقة بالمال، وقد أقرهم - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، لكن علمهم بما يقوم مقام تلك الزيادة، فلما قالها الأغنياء، ساووهم فيها، وبقي معهم رجحان قربات المال، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء"، فظاهره القريب من النص أنه فضل الأغنياء بزيادة القربات، وقد تأول بعض الناس قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" بتأويل مستنكر يخرجه عن الظاهر، والذي يقتضيه الأصل تساويهما، وحصول