لا يقعان في حالة واحدة، وأبطل جمع المواصلة -أيضًا-، وقصد إبطال تأويل الحنفيين المذكور؛ إذ لم يتنزل على شيء من النوعين، لكن الروايات الصحيحة؛ كحديث ابن عمر، وأنس، وابن عباس هذا يدل على جواز الجمع بعذر السفر، ويبطل تأويل الحنفيين، ولولا ذلك، لكان الدليل يقتضي امتناع الجمع؛ لأن الأصل عدم جوازه، ووجوب إيقاع الصلاة في وقتها المحدود لها، لكن هذا الحديث دل على جواز الجمع على ظهر سير في الظهر والعصر، وكذلك المغرب والعشاء، وهو رخصة، وجملة ما ذكروه من التأويل يقتضي الحصر والزيادة في المشقة على المسافر، وقد صح الجمع -أيضًا- في حال النزول، فالعمل به دليل آخر على الجواز في غير صورة السير، وقيام دليلهم يدل على إلغاء اعتبار هذا الوصف، ولا يمكن معارضة دليل الوصف بالمفهوم من هذا الحديث؛ لأن المنطوق أرجح.
وقوله:"وكذلك المغرب والعشاء" يريد: في الجمع، وظاهره اعتبار الوصف فيهما، وهو كونه على ظهر سير.
وأجمع العلماء على أن الجمع ممتنع بين الصبح وغيرها، وبين العصر والمغرب، كما أجمعوا على جواز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة، ومن هاهنا ينشأ نظر القياس في مسألة الجمع، فأصحاب أبي حنيفة - رحمه الله - يقيسون الجمع المختلف فيه على الجمع الممتنع اتفاقًا، ويحتاجون إلى إلغاء الوصف الفارق بين محل النزاع ومحل الإجماع، وهو الاشتراك الواقع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إما مطلقا، أو حالة العذر، وغيرهم يقيس الجواز في محل النزاع على الجواز في موضع الإجماع، ويحتاج إلى إلغاء الوصف الجامع، وهو النسك.
ثم اختلف في جواز الجمع بعذر المطر، فجوزه الشافعي وجمهور العلماء في الصلوات التي يجوز فيها الجمع، وخصه مالك بالمغرب والعشاء فقط.
وأما الجمع بعذر المرض، فمنعه الشافعي والأكثرون، وجوزه أحمد وبعض