الساعات بحساب وآلات، وإن دل، فالمراد بها الظرفية التي تقع فيها المراتب في الذهاب، وقد بينا تسمية الشارع لها حيث قال:"يومُ الجمعةِ اثنتا عشرة ساعة"(١)، والجواب عن المراتب بالأكملية والأفضلية في السبقية، لا رفع كل التقريب بالنسبة إلى تلك الصلاة.
الرابع: ما ذكرناه من أن الساعة السادسة لم تذكر، وعقب خروج الإمام وحضور الملائكة بالخامسة، فمن قال: التبكير من طلوع الفجر إلى زوال الشمس يجعلُ الوقتَ المذكور في هذا الحديث مقسمًا على خمسة أجزاء، ويجعله مردًّا للفعل في الذهاب، وهذا لا يصح؛ فإن الحمل على الساعات التي من اثني عشر أولى؛ لظهوره وخفاء ما جعله، ولم يقل أحد به، بل القائل اثنان إما أول النهار، أو أول الزوال، ولا عيب في خروج الإمام عقب الخامسة، كيف وقد أجبنا عنه بذكر النَّسائيُّ للسادسة، فدل ذلك جميعه على أنه لا شيء من الهدي والفضيلة لمن جاء بعد الزوال، وإن ذكر الساعات إنما كان للحث على التبكير إليها، والترغيب في فضيلة السبق، وتحصيل الصف الأول، وانتظار الصلاة، والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال؛ ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال؛ لأن النداء يكون حينئذ، ويحرم التخلف بعده.
الخامس: البيان لمراتب الناس في الفضائل في الجمعة وغيرها بحسب أعمالهم، وذلك يعرف أيضًا من قوله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣].
السادس: أن القربان والهدي والصدقة تقع على القليل والكثير من غير الإبل والبقر والغنم، وقد قال به بعض أصحاب الشافعي، وهي أقرب إلى الرواية التي فيها لفظ؛ كالمهدي دجاجة وغيرها، وقد ذكرنا أن النَّسائيَّ روى بإسنادين