المعروف من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين، ونقل عن بعض السلف فيه شيء خلاف إجماع من قبله وبعده، وكان سببه تخصيص الفرائض بالأذان تمييزًا لها بذلك عن النوافل، وإظهارًا لشرفها، وأشار بعضهم إلى معنى آخر، وهو أنه لو دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها، لوجبت الإجابة، وذلك مناف لعدم وجوبها، وهذا أحسن بالنسبة إلى من يرى أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان، قال العلماء: ويستحب أن يقال فيها: الصلاةَ جامعةً، لنصبهما الأولَ على الإغراء، والثانيَ على الحال.
قوله:"ثم قام متوكئًا على بلالٍ" التوكؤ: التحامل، والمراد هنا الميل في قيامه متحاملًا على بلال.
قوله:"فأمرَ بتقوى الله، وحثَّ على طاعته، ووعظَ الناس، وذكرهم": أما التقوى، فهي امتثال أمر الله تعالى، واجتناب نهيه، وأما الحث على الطاعة، فيكون بأمرين:
أحدهما: بالترغيب في الجزاء عليها.
والثاني: بالترهيب من تركها بفوات ثوابها وترتب العقاب عليه.
وأما التذكير فيكون بالنعم ودفع النقم، واستحقاق الله -سبحانه وتعالى- الطاعة والتنزيه والتحميد والتوحيد، والشكر على ذلك كله، وعلى التوفيق له.
وهذه المذكورات الأربع هي مقاصد الخطبة، ولا شك أن الوصية بتقوى الله تعالى واجب في الخطبة الواجبة، لكن هل يتعين لفظ التقوى؛ أي: يتأدى بمعناها؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي -رحمهم الله تعالى-: أصحهما عندهم: الثاني، مع اتفاقهم أن الأولى الإتيان بلفظها، وما كان واجبًا فيما هو واجب، هل يكون واجبًا فيما هو مسنون؟ فيه أوجه لأصحاب الشافعي: