تقع؛ كطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، والنار، والدجال، وقتال الترك، وأشياء كثيرة لا بد من وقوعها قبل الساعة؛ كفتوح الشام والعراق ومصر وغيرها، وإنفاق كنوز كسرى في سبيل الله، وقتال الخوارج، وغير ذلك من الأمور المشهورة في الأحاديث، وأجيب عنه بأجوبة:
أحدها: لعل هذا الكسوف قبل إعلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الأمور.
وثانيها: لعله خشي أن يكون ذلك بعض مقدماتها.
وثالثها: إن قيامه - صلى الله عليه وسلم - فزعًا خاشيًا أن تكون الساعة إما هو ظن من الراوي لما رآه خرج إلى الصلاة مستعجلًا مبادرًا إليها؛ لا أنه - صلى الله عليه وسلم - خشي ذلك حقيقة، ولعله - صلى الله عليه وسلم - خاف أن يكون الكسوف نوعَ عقوبة؛ لخوفه عند هبوب الريح أن يكون عذابًا، فظن الراوي خلاف ذلك، ولا اعتبار بظنه، وذلك دليل على دوام مراقبته - صلى الله عليه وسلم - لفعل الله تعالى، وتجريد الأسباب العادية عن إيجادها لمسبباتها.
وفي الحديث أحكام:
منها: أن السنة في صلاة الكسوف أن تكون في المسجد الجامع، وهو المشهور من مذاهب العلماء، قال أصحاب الشافعي: وإنما لم يخرج إلى المصلى خوفًا من فواتها بالانجلاء؛ فإن السنة المبادرة إليها، وخيَّر بعض أصحاب مالك بين المسجد والصحراء، وهو خلاف الصواب، والمشهور لانتهاء فعل الصلاة بالانجلاء، وهو مقتض لأن يعتني بمعرفته، ويراقب حال الشمس، ولولا أن المسجد أرجح، لكانت الصحراء أولى؛ لأنها أقرب إلى إدراك حال الشمس في الانجلاء وعدمه، وأيضًا فإنه يخاف من اجتماع الناس في المصلى فوات إقامتها كما ذكره الشافعيون، والله أعلم.
ومنها: جواز الإخبار بما يوجب الظن من شاهد الحال، وإن لم يكن في نفس الأمر كذلك؛ فإن إخباره أنه قام فزعًا خاشيًا أن تكون الساعة محتمل له ولغيره.