للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينه ستة وثمانين ألفًا فيما رواه البخاري في "صحيحه" (١)، وغيرُه من أهل الحديث والسير والتواريخ وغيره.

وقال القاضي عياض: كان ثمانية وعشرين ألفًا، وهو غلط (٢)، فكان يقال: دارُ قضاءِ دَيْنِ عمر، ثم اختصر، فقالوا: القضاء، وهي دار مروان، وقال بعضهم: هي دار الإمارة، وهو غلط؛ لأنه بلغه أنها دار مروان، فظن أن المراد بالقضاء الإمارة، والصواب ما ذكرنا، والله أعلم.

ودخول الرجل من باب كان نحو دار القضاء، وكلامُه للنبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على جواز كلام الداخل مع الخطيب في حال خطبته، ويحتمل أن يكون إنما كلمه في حال سكتة كانت من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إما لاستراحة في النطق، وإما في حال الجلوس، والله أعلم.

وقوله: "ثم قالَ: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل": المراد بالأموال: الأموال الحيوانية؛ لأنها التي يؤثر فيها انقطاع الغيث من المطر وغيره، بخلاف الأموال الصامتة، والسبلُ: الطرق، وانقطاعُها إما بعدم المياه التي يعتاد المسافرون ورودها، وإما باشتغال الناس وشدة القحط عن الضرب في الأرض.

وقوله: "فادع الله يغثنا"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أغثنا" المشهور في اللغة أنه يقال في المطر: غاثَ اللهُ الناسَ والأرضَ، يَغيثهم -بفتح الياء- ثلاثي؛ أي: أنزل المطر، والذي في هذا الحديث وغيره من رواياته: أغثنا -بالألف-، ويغيثنا: -بضم الياء- من أغاث يُغيث، رباعي، لكن الهمزة فيه للتعدية، ومعناه: هب لنا غيثًا، وقال بعضهم: المذكور في الإغاثة بمعنى المعونة، وليس من طلب الغيث، إنما يقال في طلب الغيث: اللهم غِثْنا، قال القاضي عياض: ويحتمل أن يكون من طلب الغيث؛ أي: هبْ لنا غيثًا، وارزقنا غيثًا، كما يقال:


(١) رواه البخاري (٣٤٩٧)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة البيعة، والاتفاق على عثمان - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٦/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>