للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متنفِّل، وبه قال الشافعي، وهو محكيٌّ عن الحسن البصري، وادعى الطحاوي أنه منسوخ، ولا تقبل دعواه؛ إذ لا دليل لنسخه.

واعلم أن الخوف لو كان أكثر مما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله فيه، فإنه يصلي على حسب حاله، راكبًا وقائمًا، يومئ إيماء، مستقبل القبلة وغيرَ مستقبلها، وهو قول ابن عمر، وبه أخذ مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وعامة العلماء، ويشهد له قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] قال بعض العلماء: بحسب ما يتمكن منه.

وقال جماعة من الصحابة والسلف: يصلي في الخوف ركعة يومئ بها إيماء.

وقال الضحاك: فإن لم يقدر على ركعة، فتكبيرتين حيث كان وجهه.

وقال إسحاق: إن لم يقدر على ركعة إيماء، صلى سجدة، فإن لم يقدر فتكبيرة.

وقال الأوزاعي نحوه إذا تهيأ الفتح، لكن إن لم يَقدِر على ركعة، ولا على سجدة، لم يجزئه التكبير، وأخرها حتى يؤمنوا.

وهذه المذاهب كلها لها أصل صحيح من الكتاب والسنة، وهو قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتُكم بأمر فَأتوا منه ما استطعتُم" (١)، وهو مأمور بالصلاة على صفة من قيام وركوع وسجود وتكبير وتلاوة، فإذا تعذر بعضها، أتى بالباقي؛ محافظةً على امتثال الأمر، والله أعلم.

ومنع مكحول وبعض أهل الشام من صلاة الخائف جمله متى لم يتهيأ له أن


= عبد الله - رضي الله عنه -.
ورواه أبو داود (١٢٤٨)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣١٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٥٩)، عن أبي بكرة - رضي الله عنه -.
(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>