للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هكذا قاله أبو عبيد وغيره، وهي الخمس الأواقي المذكورة في الحديث، ولم يخالف في ذلك أحد إلا ابن حبيب الأندلسي؛ فإنه زعم أن كل بلد يتعاملون بعرفهم في الدراهم، وهو خلاف قول الجمهور، ويعضد قولهم ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوزنُ على وزنِ أهل مكة" (١)، وهذا المقدار هو الَّذي كان أهل مكة يتعاملون به في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما تمكن الإسلام، واتسع، ضُربت الدراهم على التقدير الإسلامي تحريًّا لمعاملاتهم الإطلاقية، فنسب التقدير إلى من ضربت في زمنه ابتداء، وليس كذلك، بل كان ذلك إظهارًا للضرب، لا ابتداء تقدير، والله أعلم.

واختلف في زمن من ابتدأ الإظهار بالضرب للتقدير المذكور؟ فقيل: في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقيل: في زمن بني أمية، ولا يصح قول من جعل التقدير في زمن أحدهما، والله أعلم.

وأما الصدقة واحدةُ الصدقات، فتفتح الصاد والدال، وأما ما هو اسم من أسماء الصَّداق -بفتح الصاد وكسرها-، فيقال فيه: صَدُقة -بفتح الصاد وضم الدال-، وصُدْقة -بضم الصاد وإسكان الدال- أربع لغات مشهورات، والله أعلم (٢).

وأما الذود: فاصله من ذاد يذود ذودًا: إذا دفع شيئًا، فهو مصدر، فكان من كان عنده دفعَ عن نفسه معرَّةَ الفقر وشدة الفاقة والحاجة، وهو عند أهل اللغة من الثلاثة إلى العشرة من الإبل، لا واحد له من لفظه، قالوا: ويقال في الواحد: بعير، قالوا: وكذلك البقر.

والرهط والقوم والنساء وأشباه هذه الألفاظ لا واحد لها من لفظها، قالوا: وقولهم: خمسُ ذَوْد؛ كقولهم: خمسة أبعرة، وخمسة جمال، وخمس نوق،


(١) رواه أبو داود (٣٣٤٠)، كتاب: البيوع، باب: في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المكيالُ مكيال المدينة"، والنسائي (٢٥٢٠)، كتاب: الزكاة، باب: كم الصاع؟ والبيهقي في (السنن الكبرى) (٦/ ٣١)، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٢) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١٩٧)، (مادة: صدق).

<<  <  ج: ص:  >  >>