الكفارة هو ذاتي، والتنصيص على الحكم في حق بعض المكلفين كاف عن ذكره في حق الباقين، وهذا كما أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر إيجاب الكفارة على سائر الناس غير الأعرابي؛ لعلمه بالاستواء في الحكم، وهذا وجه قوي، والذي حاولوه في التعلل عليه بأن يبنوا في المرأة معنى يمكن أن يظن به اختلاف حكمها مع حكم الرجل، بخلاف غير الأعرابي من الناس؛ فإنه لا معنى يوجب اختلاف حكمهم مع حكمه، وذلك المعنى الَّذي أيدوه في حق المرأة هو أن مؤن النكاح لازمة على الزوج؛ كالمهر، وثمن ماء الغسل، فيمكن أن يكون هذا منه، - وأيضًا - فجعلوا الزوج في باب الوطء هو الفاعل المنسوب إليه الفعل، والمرأة محل، فيمكن أن يقال: الحكم مضاف إلى من ينسب إليه القول، فيقال: للواطئ: واطئ ومواقع، ولا يقال للمرأة ذلك، وليس هذا أمر بين، فإن المرأة يحرم عليها التمكين، وهي آثمة به، مرتكبة كبيرة كالرجل، كما ذكرنا أولًا، والله أعلم.
ومنها: وجوب التتابع في صوم الشهرين، وهو مذهب الجمهور، وأجمع عليه أئمة الفتوى، ونقل عن ابن أبي ليلى: أنه لا يلزم فيها التتابع.
ومنها: أنه لا مدخل لغير هذه الخصال الثلاث في الكفارة، ونقل عن بعض المتقدمين فيها دخول البدنة بعد الرقبة إذا تعذرت، رواه عطاء عن سعيد، وقيل: إن سعيدًا أنكره، والله أعلم (١).
* * *
(١) جاء في خاتمة نسخة "ش" ما نصه: نجز الجزء الأول من كتاب "العدة في شرح العمدة" بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، يتلوه في الجزء الثاني، باب: الصوم في السفر وغيره، ووافق الفراغ منه على السنة الأربعاء الثامن والعشرين من شهر الله المحرم سنة ست وسبع مئة.