للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدر؛ فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يسافر إلا في غزوٍ أو حج بعد هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فإن كان له سفر في شهر رمضان في ستة أعوام، من بدر إلى مؤتة فليفد، والله أعلم.

وروى النسائي عن أحمد بن أبي عبيد الله، عن عمر بن علي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -: أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير له، فقال له: "يا بنَ رواحَة! انزلْ فحرك بالركاب" (١) الحديث، لكن قيسًا لم يدرك ابن رواحة، والأشبه أنّه من رواية عمر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن رواحة، رواه عبد الله بن إدريس عن إسماعيل، عن قيس، عنه، والله أعلم.

وروى عنه من الصحابة: ابن عباس، وأبو هريرة، وروى يحيى بن سعيد قال: كان عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - أولَ خارج إلى الغزو، وآخرَ قافل.

وقال عروة: لما ودَّع المسلمون عبد الله بن رواحة في خروجه إلى مؤته، دعوا له ومن معه أن يردهم سالمين، فقال ابن رواحة - رضي الله عنه -:

لكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ قرْعٍ تَقْذِفُ الزَّبَدا

أَوْ طَعْنَةً بيدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً ... بِحَرْبَةٍ تنفذُ الأَحْشَاءَ والكَبِدَا

حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي ... يَا أَرْشَدَ اللهُ مِنْ غَازٍ، وَقَدْ رَشَدَا (٢)

وقال هشام بن عروة: سمعت أبي عروة يقول: سمعت أبي -يعني: الزبير- يقول: ما سمعت أحدًا أجرى ولا أسرع شِعرًا من ابن رواحة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له يومًا: "قُلْ شعرًا تقتضيه الساعةُ، وأنا أَنظرُ إليكَ"، فانبعث مكانه يقول:

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فيكَ الخيرَ أعرفُه ... والله يعلمُ أَنْ ما خَانني البَصَرُ


(١) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٨٢٥١)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٥٢٧)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٥١٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٨/ ١٠٣ - ١٠٤).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١١٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>