كله للمفطرين، ويقرب هذا مما تقوله بعض الناس في إحباط بعض الأعمال الصالحة ببعض الكبائر، وأن ثوابها ينغمر في الكبائر وعقابها، فتصير كأنَّها محبطة لثوابها، وإن كان الصوم هنا ليس من المحبطات، ولكن المقصود المبالغة في أنَّ الثواب -وإن قلَّ جدًّا- أنه كالمعدوم، وهذا قد يوجد مثله في التصرفات الوجودية وأعمال الناس في مقابلتهم حسنات، من يفعل منها شيئًا بسيئاته، فإنهم يجعلون اليسير جدًّا كالمعدوم بالنسبة إلى الإحسان والإساءة؛ كحجامة الأب لولده، وإيجار الأم لولدها الوجور [الكريه] لدفع الأمر الأعظم منه؛ كالمرض وغيره؛ فإن كلًّا منهما يعد محسنًا مطلقًا، ولا يعدُّ مسيئًا بالنسبة إلى الإيلام بالحجامة والمرارة لستارة ذلك الألم بالنسبة إلى دفع الأمر الشديد من المرض وغيره، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دليل على ما كانت الصحابة عليه؛ من الزهادة في الدنيا، والصبر على المؤلمات في طاعة الله تعالى.
وفيه: جواز حكاية مثل ذلك للقدوة والتأسِّي.
وفيه: جواز اتخاذ الأبنية ونحوها في الأسفار للاستظلال.
وفيه: اتقاء الشَّمس وحرِّها عن البصر والبدن باليد ونحوها.
وفيه: وجوب القيام بمصالح الدواب من الإبل وغيرها بالسقي وغيره.
وفيه: التنبيه على فعل الرخصة بكثرة الأجر فيه إذا كان في تركها مشقة.
وفيه: أنَّ اطِّلاع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على الشيء وتقريره إياه من غير نكير شرعٌ؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على الصوم والفطر.
وفيه: أنَّه إذا تعارضت المصالح، قُدِّم أولاها وأقواها، والله أعلم.