وترتفع التوسعة، وقال بعض شيوخهم: لها أن تصوم القضاء بغير إذنه؛ لأنه واجب.
وإنما يحمل الحديث المقتضي لنهيها عن الصوم إلا بإذنه على التطوع، فأما الواجباب: فلا يحتاج فيها إلى إذن أحد، فحينئذٍ يكون فعل عائشة - رضي الله عنها - لحقه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وخصوصيته - صلى الله عليه وسلم - به دون غيره، وإنما كانت تصومه في شعبان؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم معظم شعبان، فلا حاجة له في النساء في النهار، ولأنه في شعبان يتضيق قضاء رمضان، فإنه لا يجوز تأخيره عنه.
فإن قيل: وكيف لا تقدر على الصوم لحقه فيها، وقد كان له تسع نسوة، وكان يقسم بينهنَّ، فلا تصل النوبة لإحداهن إلا بعد ثمان، فكان يمكنها أن تصوم في هذه الأيام التي يكون فيها عند غيرها؟
والجواب: إن القَسْم لم يكن عليه واجبًا لهنَّ، وإنما كان يفعله بحكم تطييب قلوبهنَّ، ودفعًا لما يتوقع من الشرور، وفساد القلوب، ألا ترى قول الله -عز وجل-: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}[الأحزاب: ٥١]، فلما علم نساؤه، أو من سألته منهن، كنَّ يتهيأن له دائمًا، ويتوقعن حاجته إليهن في أكثر الأوقات، والله أعلم.
ثم من أفطر بغير عذر؛ كحيض، ومرض، وسفر، وجب القضاء عليه على الفور مطلقًا، ومن أفطر بهذه الأعذار ونحوها، فقد قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وجماهير العلماء من السَّلف والخلف: يجب على التراخي، ولا تشترط المبادرة به في أول الإمكان، لكن قالوا: لا يجوز تأخيره عن شعبان الآتي؛ لأنه يؤخر حينئذ إلى زمان لا يقبله، وهو رمضان الآتي، فصار كمن أخَّره إلى الموت، وقال داود: يجب المبادرة به في أول يوم بعد العيد من شوال، وحديث عائشة هذا يرد عليه.
وقال جمهور العلماء: تستحب المبادرة به للاحتياط فيه؛ فإن أخره، فالصحيح عند المحققين من الفقهاء وأهل الأصول: أنه يجب العزم على فعله،