للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا قول أبي هريرة - رضي الله عنه - وغيره:: "خليلي" يصفون النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ويضيفون خلته - صلى الله عليه وسلم - إلى نفوسهم؛ تشرُّفًا بها، فهذا جائز لا بأس به، وقد وقع من جماعة من الصَّحابة - رضي الله عنهم - غير أبي هريرة، من غير نكير، بل ذلك مستعمل إلى الآن، لكنَّه بالمعنى الذي ذكرناه.

أمَّا إضافتها إليه - صلى الله عليه وسلم - بمعنى أنَّه اتخذهم، أو أحدًا منهم خليلًا، فهذا لا يجوز؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - نفاها عنهم، وأثبتها لنفسه، وأضافها إلى الله تعالى.

وأمَّا مخاللة الإيمان والإسلام، فهذا جائز بالاتفاق، فإن الله - عزَّ وجلَّ -، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قد أثبتاها في الكتاب والسنة، فقال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم" (١)، ومعنى الأخوة: المخاللة بهذا الوصف، والله أعلم.

وأمَّا إيصاؤه - صلى الله عليه وسلم - بهذه الثَّلاث، فلِمَا في المحافظة عليها من الخيرات الدُّنيوية والأخروية، منها: التمرين للنَّفس على النَّوافل [المعينة] من الصَّوم والصَّلاة؛ لكي تدخل في الواجب منهما بانشراح واسترواح، ولينجبر بها مع ما يقع فيه من نقص، ولإذهاب السَّيئات؛ فإن الحسنات يذهبْنَ السَّيئات، ولتضعيف الحسنات؛ كما علل - صلى الله عليه وسلم - صوم ثلاثة أَيَّام من الشهر في الحديث قبله، بقوله: "فإنَّ الحسنةَ بعشرةِ أمثالها"، وكان صومها يعدل صيام الشَّهر، ولعل الحكمة فيه تحصيل العلم بالفرق بين أنَّ يصوم الشَّهر تقديرًا وتخفيفًا.

وأمَّا صلاة الضُّحى، فلأنَّ الركعتين منها تجزى عن الصدقات التي تصبح في كلِّ يوم على مفاصل ابن آدم، وهي ثلاث مئة مفصل وستون، وقد ورد في السُّنَّة الحثُّ على فعلها، وصنف الحاكم أبو عبد الله الحافظ فيها كتابًا مستقلًا، وفيه فوائد جمَّة، وذكر فيه حديثًا أنَّه يقرأ في الركعة الأولى منها بعد سورة الفاتحة:


(١) رواه البخاري (٢٣١٠)، كتاب: المظالم، باب: لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ومسلم (٢٥٨٠)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>