للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أنَّ يراد بسبيل الله: طاعته، كيف كانت، ويعبر بذلك عن صحة القصد، والنِّية فيه، لكن الأول أقرب إلى العُرْفِ.

وقد ورد في بعض الأحاديث جعل الحج وسفره من سبيل الله، وفي الكتاب العزيز: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ} [النساء: ١٠٠].

قال شيخُنا أبو الفتح القاضي - رحمه الله - (١): وهذا استعمال وضعي.

والخريف هنا: السَّنة، واحدة السنين، يريد به سبعين سنة، وقد يعبَّر بالسَّنة عن الفَصلِ المعروف، الَّذي هو وقت اختراف الثمار؛ لأنَّه إذا مرَّ الخريف، فقد مضتِ السَّنةُ؛ حيث لا يوجد في السَّنة إلا خريف واحد، وقد يعبر عن السَّنة ببعض فصولها، كالرَّبيع والمصيف والمشتى؛ إذ ليس في العام إلا فصل واحد منها، لكن قال بعضهم: تسميته بالخريف أولى؛ لأن فيه نهاية ما بدا في الفصول قبله؛ فإن الأزهار تبدو في الرَّبيع، وتتشكَّل في صورها في الصَّيف، وفيه يبدو وينضج أكثرها، ووقت الانتفاع بها أكلًا وتحصيلًا وادخارًا هو الخريف، وهو معظم المقصود من السَّنة، فكأنَّه المقصود بالذكر عن السَّنة دون غيره، والله أعلم.

ثم المراد بالوجه: جملةُ الشخص الصَّائم في سبيل الله، وعبَّر به عن الجملة؛ لأنه أشرف ما فيه.

ثم قوله: "يومًا" إن أريد به واحد الأيام، كان دليلًا على استحباب صومه، سواء أردنا بسبيل الله: الجهاد، والطاعة؛ حيث لا يحصل به ضعف المجاهد عن جهاده ولا طاعته، وإن أردنا به: جنس الصَّوم، وأنَّه لا يتقيد بعدد، فينبغي أنَّ يكون بحيث لا يضعف به عن مقصوده من عمله في الجهاد أو الطَّاعة، والله أعلم.

وأمَّا المباعدة عن النَّار في هذا الحديث، فهي بحيث لا يحس بها، ولا يجد


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>