ويبقى النَّظر في قولنا: يحلُّ، فهو يتناول المكروه، أم لا؛ بناء على أنَّ لفظ يحلُّ يقتضي الإباحة المستوية الطَّرفين، فإن قلنا: لا يتناول المكروه، فهو قريب جدًّا في التَّخصيص، وإن قلنا: يتناوله، فهو مشكل، والله أعلم.
ثمَّ الحرمة في إحدى الرِّوايتين بمعنى: ذي المحرم، وإن استعمل استعمالًا لغويًّا فيما يقتضي الإحرام، فيدخل فيه الزَّوج لفظًا، فيلحق في الحكم بالمحرم في جواز السَّفر معه، وأولى بالجواز، والله أعلم.
هذا حكم السَّفر وما يتعلَّق به، والخلوة ملحقة بحكمه.
أمَّا إذا خلا الأجنبيُّ بالأجنبية من غير ثالث معهما، فهو حرام باتِّفاق العلماء، وكذلك لو كان معهما من لا يستحيا منه؛ لصغره؛ كابن سنتين وثلاث، ونحو ذلك، فإنَّ وجوده كالعدم، وكذا لو اجتمع رجالٌ بامرأةٍ أجنبيةٍ، فهو حرامٌ، بخلاف ما لو اجتمع رجل بنسوةٍ أجانب؛ فإنَّ الصَّحيح جوازه؛ لتواطؤ الرِّجال على المرأة، وعدم مواطأة النِّساء على الرَّجل الواحد.
والمختار: أنَّ الخلوة بالأمرد الأجنبيّ الحسن كالمرأة، فتحرم الخلوة به، حيث حرمت بالمرأة إلَّا إذا كان في جمع من الرِّجال المصونين، قال أصحاب الشَّافعيِّ: ولا فرق في تحريم الخلوة بحيث حرمناها بين الخلوة في صلاة أو غيرها.
ويستثنى من هذا كلِّه مواضعُ الضرورة، بأن يجد امرأةً منقطعةً في الطَّريق، أو نحو ذلك، فيباح له استصحابها، بل يلزمه ذلك إذا خاف عليها لو تركها، وهذا لا خلاف فيه، ويدلُّ عليه حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصَّة الإفك، والله أعلم.