أبو حنيفة وأحمد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا"، وهذا عام، تدخل فيه صور النِّزاع، قال أبو حنيفة: بل يُلجأ إلى أن يخرج من الحرم، فيُقتل خارجه، وذلك بالتَّضييق عليه.
ومنها: تحريم قطع شجر الحرم، واتَّفق العلماء عليه فيما لا يستنبته الآدميون في العادة، سواء كان له شوك يؤذي، أم لا، وسواء الكلأ، وغيره، وقال جمهور أصحاب الشَّافعيِّ: لا يحرم قطع الشَّوك؛ لأنَّه مؤذ، فأشبه الفواسق الخمس، ويخصون الحديث بالقياس، واختار المتولِّي من الشَّافعية التحريم مطلقًا، وهو الصَّحيح.
وأمَّا ما يستنبته الآدميون، ففيه خلاف للفقهاء، فلو قطع ما يحرم قطعه، هل يضمنه؟ قال مالك: يأثم، ولا فدية عليه، وقال الشَّافعيُّ، وأبو حنيفة: عليه الفدية، واختلفا فيها، فقال الشَّافعيُّ: في الشَّجرة الكبيرة بقرة، وفي الصَّغيرة شاة، وكذا جاء عن ابن عباس، وابن الزُّبير، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: الواجب في الجميع: القيمة، قال الشَّافعيُّ: ويضمن الخلا بالقيمة.
ويجوز عند الشَّافعيِّ ومن وافقه رعيُ البهائم في كلأ الحرم، وقال أبو حنيفة، وأحمد، ومحمَّد: لا يجوز، والله أعلم.
ومنها: أنَّ مكَّة فتحت عنوةً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ"، وقال الشَّافعيُّ وغيره: فتحت صلحًا، وتقدَّم ذلك وتأويله.
ومنها: التَّصريح بوجوب نقل العلم وإشاعته، خصوصًا الأحكام والسُّنن، وهذا مجمع عليه.
ومنها: أنَّ الاعتصام إنَّما هو بالشَّرع واتباعه، وأنَّ الأماكن الشريفة ونحوها من الأنساب والخلفاء لا يمنع من حقٍّ أوجبه الله -عزَّ وجلَّ-، ولا يعيذ من حدوده وعقابه.