للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة الشّيخ طيّب الشّرفي:

وأمّا الشّيخ (١٦٨) أبو الشذى (١٦٩) سيدي طيّب الشّرفي فقد كان - رحمه الله - إماما في علوم الدين، عمدة، ثبتا، حجة، متقنا، متفننا، أحد نوادر الزمان زهدا وصلاحا، فاز من العلوم الأدبية بالقدح المعلّى من جميع أنواعها، وأما الفقه والحديث والتفسير والقراءات والتجويد والأصول والتوحيد والفرائض والحساب فحدث عن البحر ولا حرج، وأخذ من المنطق الحظ الأوفر، والحاصل أنّه - رحمه الله - كان كاملا في مشيخة السنة.

وكان في ذاته حسن الخلق والخلق، والهيئة والسيرة، حليما كريما محبّبا عند النّاس، نفّاعا لخلق الله ببذل العلم لسائله، موفقا مدقّقا في تقريره، وهو القائم بالمدرسة بعد أبيه.

وكانت رحلته لتونس فأخذ عن شيخنا سيدي عبد الله السّوسي، وشيخنا سيدي قاسم المحجوب، (والشيخ الغرياني، وأخذ التّجويد عن الشيخ) (١٧٠) السّبعي المقري في آخرين من مشايخ العصر بتونس.

وكان - رحمه الله - راغبا عن المناصب كلّها، فطلب أوّلا هو والشّيخ سيدي حسن المفتي - المقدّم الذّكر - أن يكونا كاتبين عند الباشا - رحمه الله - وأرسل إليهما فذهبا إليه / فطلبهما في ذلك فامتنعا، وطلب هو أيضا أن يكون قاضيا فامتنع، فجعل أهل البلد فيه وثيقة أنّه يصلح بنا للقضاء وشهدوا فيها (١٧١) أنّه لا يصلح إلاّ هو، وأرادوا توليته كرها عليه، فقال لهم: إن أردتم خروجي من بينكم خرجت وولّوا (١٧٢) من يصلح غيري بكم فكفوا عنه.

وكان في ابتداء أمره قد يتحمّل بعض الشهادات ثمّ ترك ذلك واقتصر على بثّ العلم ونشره، ونصح الخلق وتعليمهم، فاعتقده كافّة النّاس، وأخذ عنه خلائق لا يحصون كثرة كالشيخ أبي العباس سيدي أحمد إبن الشيخ سيدي أحمد الشّرفي المفتي، والشيخ أبي عبد الله محمد المغربي، والشيخ أبي الحسن علي ذويب الشاعر، والشيخ أبي عبد الله سيدي محمد الزّواري أحد شيوخنا، والشيخ أبي عبد الله محمد المصمودي


(١٦٨) في ط: «أما أخوه».
(١٦٩) في الأصول: «الشذا».
(١٧٠) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٧١) ساقطة من ط.
(١٧٢) في ط: «وأولو».