للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام (٣٣٤)، امتثالا لقوله علت كلمته: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} (٣٣٥) وبالجملة فالجزائر ساعة التاريخ فريدة الدنيا ووحيدة العصر في صغر الجرم، وقوة النكاية في الكفر، مع شدة الحزم لا يماثلها في ذلك غيرها. فهي قامعة لجميع أنواع الكفّار مع كثرتها {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (٣٣٦) وفي الجزائر من أسارى النصارى ما يعجز اللسان عن احصائه وذلك كله / فضل من الله أفاضه عليها منذ دخلتها العساكر العثمانية - زادها الله عزّا ونصرا -، وأمدهم الله وجميع عساكر الإسلام بالنصر والتأييد وروح منه، إنه عزيز حكيم. وتفصيل أحوال الجزائر وفتوحاتها ومغازيها وغنائمها وجملة أحوالها مفرد بالتأليف، وإنما المعنى ببرقة (٣٣٧) من سحائب فضائلها ليدعو المؤمن لهم بالنّصر على أعداء الدين وقبول العمل وحسن الجزاء يوم الدين.

[تامدفوس]

ولنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول (٣٣٨): من الجزائر إلى تامدفوس شرقا ثمانية عشر ميلا، وتامدفوس مرسى حسن، عليه مدينة حصينة صغيرة خراب، وبها بقايا بناء قديم وهياكل وأصنام وحجارة ويذكر أنها كانت من أعظم البلاد قدرا (٣٣٩) وأوسعها قطرا.

مرسى الدّجاج:

ومن تامدفوس إلى مرسى الدجاج عشرون ميلا، ومدينة مرسى الدجاج كبيرة القطر لها حصن دائر بها وبها (٣٤٠) مرسى مأمون ومزارع متصلة، وإصابة أهلها في زراعتهم واسعة، وفيها من جميع الفواكه واللحوم أشياء كثيرة، تباع بالثمن اليسير، والتين يحمل منها منثورا وشرائح إلى سائر الأقطار، وأقاصي المدائن والأمصار، وهي بذلك مشهورة.


(٣٣٤) وقع الصلح بين الجزائر والأسبان لصالح الجزائر كما ذكره مقديش سنة ١٧٨٥.
(٣٣٥) سورة الأنفال: ٦١.
(٣٣٦) سورة البقرة: ٢٤٩.
(٣٣٧) من البرق ويعني بها بسرعة خاطفة.
(٣٣٨) يرجع للنقل من نزهة المشتاق بتصرف كعادته فيما سبق. ص: ٨٩.
(٣٣٩) في نزهة المشتاق: «كبرا».
(٣٤٠) تصرف في النقل بالحذف، والمحذوف يكشف عن قلّة سكانها.