للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين]

ثم تولى بعده ولده الأمير أبو حفص عمر، بويع له بالخلافة يوم الأربعاء الثاني لرجب الفرد من عام سبعة وأربعين وسبعمائة، وذلك أنه لما مات والده بادر بملك القصر وضبط أبوابه، وبعث للقاضي ابن عبد السلام وقاضي الأنكحة الأجمي (٢٠٨) فقال لهما: تبايعاني؟ فقالا له: نحن شهدنا في بيعة أخيك أحمد صاحب قفصة، فاعطنا شهادتنا نقطعها، فنشهد (٢٠٩) حينئذ في بيعتك، قال الشّيخ ابن عرفة: فخاض بعض الناس في بعض وهم جلوس في القبّة الكبرى، فأمر الشّيخ ابن تافراجين أن لا يخرج أحد من القبة، وفسخ المجلس بقول القاضيين: نحن نمشي نشتغل بمؤونة دفن السّلطان وحينئذ نجتمع، واستدعى وجوه الموحدين وبعض وجوه البلد، وأخرج لهم الأمير عمر، فبايعوه، فما شعر القاضيان ومن معهما حتى سمعوا جلبة الطبول والبوقات، فقيل ما هذا؟ قيل قد بايع الناس الأمير واستدعى القاضيين ومن معهما فرأوا تمام القضية لوقوع البيعة وانعقادها من الجم الغفير فكتبت (٢١٠) وثيقة بعقد البيعة للأمير عمر لاختيار العامّة والخاصّة له عن ولي العهد، وهذا من حسن سياسة ابن تافراجين، وكان الأمير خالد نجل السّلطان / أبي بكر برياض رأس الطّابية، وكان قدم من بلد المهدية زائرا فبلغه الخبر ليلا، فخرج فارّا بنفسه في نفر قليل من خدّامه، فتبعه من العرب أولاد منديل والكعبيون (٢١١) مظهرين أنهم في خدمته، فلما أصبح قبضوا عليه، وجاؤوا به إلى أخيه أبي حفص فاعتقله، واستقام له الملك، وتلقّب بالنّاصر، ولما بلغ الخبر للأمير أبي العباس أحمد صاحب قفصة موت والده وتولية أخيه بادر بمن التفّ عليه من العرب إلى تونس ولقيه أخوه أبو فارس عبد العزيز صاحب عمل سوسة بالقيروان، فأتاه طاعته وصار في جملته، وجمع السّلطان أبو حفص جموعه، وخرج في غرة شعبان بمحلته من تونس ومعه حاجبه الشّيخ أبو محمد بن تافراجين منذر منه بالهلكة، فعمل في أسباب النجاة، ولما تراءى الجمعان رجع الحاجب إلى تونس في بعض الشغل، وركب لاجئا (٢١٢) إلى


(٢٠٨) في الأصول: «الأحسن» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: ٨٠.
(٢٠٩) في ش: «فشهدا».
(٢١٠) في الأصول: «فكتبا».
(٢١١) في تاريخ الدولتين: «كعوب».
(٢١٢) في تاريخ الدولتين: «ناجيا».