للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورام هرمز وما والاهما (١٤٢)، فانتدب لقتاله الموفق (١٤٣)، وجمع العساكر والجنود، وخرج لقتال الزّنج فكانت الواقعة عليهم، فقتل كبيرهم يهبود واستراح منهم العباد واستردّ البلاد التي كانوا استولوا عليها، ورجع الموفّق مؤيدا منصورا ورأس ذلك الكافر ورؤوس كباره على الرّماح، فدعا المسلمون للموفّق وامتدحه الشّعراء، واستمرّ أخوه منهمكا، وجميع الأمور جارية على يد الموفّق بقلب منشرح، ثم وقعت بينهما وحشة، فكاتب المعتمد أحمد بن طولون صاحب مصر يستنجده على قتال الموفّق، فانتدب له وأرسل له العساكر، فجرت بينهم وبين عساكر الموفّق حروب وطالت على ذلك أعوام، وكان للموفّق ولد نجيب اسمه أحمد جعله ولّي عهده، واستعان به في حروبه ثم خشي منه على نفسه لقوة بطش الولد وبسالته، فأودعه بطن الحبس، ووكّل به من يثق به في أموره واستمرّ محبوسا إلى أن حضر أجل الموفّق فلمّا اشتدّ مرضه، وتحقّق غلمانه موته بادروا إلى الحبس وكسروه، وأخرجوا منه ولده أحمد وآووه ونصروه (١٤٤) ولقّبوه المعتضد بالله، وجاءوا به إلى والده الموفّق، فلمّا رآه أيقن بحلول الأجل وقال له: يا ولدي لهذا اليوم خبّأتك، وفوّض إليه (١٤٥) وأوصاه بعمّه المعتمد وكان قبل الموت بثلاثة أيام، فمات سنة ثمان وسبعين ومائتين (١٤٦) فشمت في موته المعتمد / فما حال عليه الحول إلاّ وقد لحق به ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين (١٤٧).

[المعتضد بالله]

فتولّى الملك والخلافة المعتضد، وكان ملكا مهابا، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شجاعا يقدم على الأسد وحده، حسن السّياسة قليل الرّحمة، إذا غضب على أحد ألقاه


(١٤٢) اختصر المؤلف خبر قيام الزنج اختصارا كبيرا حتى بانت وكأنها ثورة قصيرة لا حركة متداخلة متشعّبة كانت فيها وقائع وحروب بين الزنج والعباسيين على مستويات عدة قبل أن يتحمل الموفق مسؤولية قتالهم، أنظر عن هذه الحركة الثورية الطبري ٩/ ٤٧٨، ٤٨٨، ٥٠٤، ٥٣٤، ٥٣٦، ٥٤٢، ٥٥٤، ٥٨٨، ٥٨٩، ٥٩١، ٥٩٤.
(١٤٣) أنظر عن هذه الواقعة الطبري ٩/ ٦٠٢ والكامل ٧/ ٣٤٣، ٣٤٥، ٣٥٩، ٣٧٤، ٣٧٧، ٣٩٩، ٤٠٦.
(١٤٤) بمكة، أنظر الكامل ٧/ ٣٩٥.
(١٤٥) أنظر مروج الذهب ٤/ ١٣٩ - ١٤٠ والكامل ٧/ ٤٤٢.
(١٤٦) «وخلع الموفق على ابنه أبي العباس» الكامل ٧/ ٤٤٣.
(١٤٧) كذا في الكامل ٧/ ٤٥٥، ١٥ أكتوبر ٨٩٢ م وقبل موته خلع المعتمد ولده المفوض من ولاية العهد وقدم ابن أخيه المعتضد على ولده المفوض، الكامل ٧/ ٤٥٢ - ٤٥٣.