للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال حفيده: واشتدّ به الحال مرّة أخرى فباع أبواب داره لرئيس جربي فتعطّل سفره إلى أن تيسّر حال الشّيخ فجاء إلى الرّئيس الجربي وقال له: ردّ عليّ الأبواب / وخذ ما أعطيتني فأبى، فقال: إن لم تأخذ حقّها وتردّها أخذناها مجانا، واشتهرت القضيّة فأبى، فلمّا نام الجربي أدركته منيّته ليلا فأصبح ميّتا فأنزل رفقاؤه الأبواب وقالوا: خذ أبوابك لا حاجة لنا بها. ولم نقف على تعيين سنة وفاته إلاّ أنّه من أهل القرن الحادي عشر.

ترجمة الولي شعبان زين الدّين:

ومن مجاذيب صفاقس المتأخّرين سيدي شعبان زين الدّين. كان مشهورا بين النّاس بالصّلاح، والجذب غالب عليه، قال أبو عبد الله محمّد الشّرفي، الشّهير بالصّوفي: كانت طريقة سيدي شعبان أنّه يملأ حيضان ميضاة زاوية الشّيخ النّوري، فاتّفق أن ذكرت (٦١١) سيرته وذكروا أنّه من أولياء الله فأنكرت أن يكون من أولياء الله، ولم يطّلع علينا أحد إلاّ الله تعالى فيما قلنا، قال: فأتيت ليلة غرّني الليل وحسبت أنّه آخر الليل فإذا به نصف الليل، فدخلت الميضاة لنتوضّأ فإذا بسيدي شعبان يملأ الماء فناداني في تلك الظّلمة باسمي وقال لي: بماذا تتعلّق قدرة الله وكنت قاصرا في علم التّوحيد؟ فأكّد عليّ الطلب ولم نجد ما نجيبه به حتّى اقشعرّ جلدي وأخذتني هيبة ورعب، ففررت بنفسي وتبت إلى الله تعالى وسلّمت أمره وعلمت فضله. وهو من أهل القرن الثّاني عشر، مدفون بضريحه المشهور (٦١٢) به على شاطئ البحر تحت ركب البلد الجنوبي الشرقي.

ترجمة الولي أبي عبد الله محمّد المسدّي:

ومن مجاذيب صفاقس المشهورين الشّيخ أبو عبد الله / سيدي محمّد المسدّي. كان - رحمه الله - من دار أصحاب دنيا عريضة، فأعرض عنها ولم يتعلّق بشيء منها سوى قميص وجبّة وقلنسوة، فيمشي بلا نعل. وكان معقول اللّسان لا يتكلّم إلاّ بكلام قليل


(٦١١) في بقية الأصول: «ذكروا».
(٦١٢) إندثر مع ابتعاد الشاطئ وتغيّر العمران بمكانه.