للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فارس نازلا بعمرة بمحلته، فلما بلغه الخبر ارتحل حالا وجدّ السير، فلما وصل وجد النّصارى قطعوا القنطرة فنزل السّلطان بمحلته خارج الجزيرة مما يلي القنطرة، وكان قد بعث قبل العدو عسكرا صحبة قائد من قوّاده لحفظ الجزيرة من العدو، فمنعوا العدو من نزول الجزيرة، فكان أبو فارس بمن معه / خارج الجزيرة والعسكر السّابق داخلها والعدو في البحر على طرف القنطرة، وقد جعل بينه وبين المسلمين سورا من الخشب، وكان المولى أبو فارس يجلس كل يوم بطرف القنطرة مع أصحابه ويجلس بين يديه القائد نبيل بجيش معه للقتال، فأخبر العدو بذلك، وبأن أصحابه ينصرفون عنه لمأربهم في وقت القائلة، فلما صار وقت القائلة ولم يبق إلاّ الخواص بعث النّصراني سفنا عدة فأحاطت بالقنطرة وأرادوا القبض على السّلطان ومن معه، فركب السّلطان وسلّمه الله من كيدهم، واستشهد بعض من كان معه، وأحاط العدو بالميدان وما فيه فأخذوه في رابع محرم من سنة ست وثلاثين وثمانمائة (٣٨٩)، ثم إن بعض أهل جربة قصدوا إلى أبي فارس وأخبروه بأن للجزيرة طريقا غير القنطرة في البحر فبعث معهم عسكرا فأدخلوه الجزيرة فلما رآى العدو العسكر دخل الجزيرة من غير القنطرة أيقن بالخيبة، وأقلع بأساطيله خائبا وكانت اقامة العدو عليها سبعة وعشرين يوما، وأصلح السّلطان القنطرة.

[حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته]

وارتحل سالما، وأعطى للجند عطياتهم، وجدّد (٣٩٠) حركته وسار متوجها إلى تلمسان لما بلغه عن صاحبها أحمد بن أبي حمو الزّياني من التحدّث بالإستقلال كعادة أسلافه فلما بلغ ولجة السدرة - موضع قرب جبل ونشريس - من عمل تلمسان وبه عين تسمى عين الزال (٣٩١)، وكان يوم الأضحى من سنة سبع وثلاثين وثمانمائة (٣٩٢) تطهر وجلس ينتظر صلاة العيد / فحضرته وفاته - رحمه الله تعالى - فجأة قبل الوصول إلى تلمسان، فكانت مدّة خلافته بتونس إحدى وأربعين سنة وأربعة أشهر وسبعة أيام.


(٣٨٩) ٣١ أوت ١٤٣٢ م.
(٣٩٠) في تاريخ الدولتين: «وجرد».
(٣٩١) كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش: «عين الذال».
(٣٩٢) ١٨ جويلية ١٤٣٤ م.