للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنّسخ، وحملهم على ذلك أن يسبقوني بكتبهم ويعلمون عدم قدرتي على اشتراء الكتب، فلم ألتفت إليهم وسبقتهم بتحصيل ما نحتاجه.

وكان رحيم القلب شفوقا على المسلمين، ملازما للشّيخ مدّة حياته، فكثرت كتبه وغلب بذلك أقرانه، ولحظه الشّيخ فحصلت له منه عناية، ولمّا بلغ قال له (٨٤٩) الشّيخ: يا بني زوّجتك إبنتي فلانة، وكان ذلك لا يخطر له ببال لقلّة ذات يده، فأخبر بذلك والدته، فأحالت (٨٥٠) ذلك وقالت: لعلّ أصابك أضغاث أحلام، فأقسم لها بالله ما كان إلاّ يقظة، فقالت: اكتم فإن أراد الله شيئا كان. وكانت له دار مخلّفة عن أبيه منهرشة (٨٥١)، فأرسل لها الشّيخ من ماله ما تحتاجه من أخشاب وحجر ومدد وأرسل لها الفعلة، فأقامها على أصولها، (وأعطاه ما يحتاجه من آلة الدّار وأثاثها) (٨٥٢) وأعطاه ما يتجهز به للعرس وقال لزوجته: زوّجت فلانة بفلان، فحسبت أن جميع ما قامت به الدّار وأصلح به شأنه من كسبه فرضيت به كفؤا لابنتها فتزوّج بها، واتّسع حاله، وأقبلت عليه الدّنيا وعلى ذرّيته ببركة الشّيخ وخدمة العلم وتقوى الله العظيم.

وانتقل إلى رحمة الله تعالى ودفن بتربة شيخه سنة نيف وسبعين ومائة وألف (٨٥٣).

ترجمة الشّيخ رمضان أبو عصيدة:

وأمّا الشّيخ سيدي رمضان ابو عصيدة فكان فقيها محدّثا مفسّرا أديبا متكلّما واعظا له اعتناء زائد بعلوم القراءات، فكان يقرأ للعشر، وهو أوّل من أخذنا عنه / العقيدة الصغرى للإمام السنوسي فصادفت قلبا خاليا فتمكّنت والحمد لله فوافقت الفطرة الاسلامية.

ولقد رأيته بعد وفاته - رحمه الله - فسألته ما فعل الله به فقال لي: يا بني عليك بكلمة التّوحيد والإخلاص فقد امتلأ بها التوراة والإنجيل والقرآن، فعلمت أنّ الله قبله ببركة علوم التّوحيد، وكان في كلامه بشارة بإذن الله تعالى، يطلعني على الأدلّة النّقلية في


(٨٤٩) ساقطة من ط.
(٨٥٠) في ط: «أهالت».
(٨٥١) كلمة عامية أي بحالة غير جيدة.
(٨٥٢) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٨٥٣) بعد ١٧٥٧ م.