ابراهيم مع أولاد أبي اللّيل بعد أن جهّز له عسكرا وما يحتاجه من آلات الحرب، وأقام هو بتونس، وأجمع أبو عنان على النهوض إليه، ووفد إليه أولاد أبي اللّيل يستحثّونه لذلك، فأرسل إلى تونس مع الأسطول - المقدّم / الذكر - جيشا مع أولاد مهلهل فملكوا البلد المدافعة، فخرج ابن تافراجين إلى المهديّة، واستولت عساكر بني مرين على تونس في شهر رمضان.
ومكث السّلطان أبو اسحاق ابراهيم الحفصي بالجريد مع خالد بن حمزة (٢٦٨) وعياله وثقيلته بالمهدية مع الشّيخ ابن تافراجين.
ثم ارتحل أبو عنان من قسنطينة لتونس، فلما انتهى إلى فحص تبسّة تحدّث رجال بني مرين في الرّجوع عن سلطانهم أبي عنان، حذرا من أن يصيبهم بإفريقية ما كان أصابهم من قبل مع أبي الحسن والد أبي عنان - مما تقدم - فانفضّوا متسلّلين إلى المغرب ولما خفّ المعسكر من أهله نادى من بقي من الجند: الغرب الغرب، فقال أبو عنان: ما هذا؟ فأخبر بتسلّل الجند، فأمر بالرجوع إلى المغرب، ولما وصل إلى فاس عاقب أكثر المتسللين لامتناعهم من السّير معه لتونس، وثقف نحو مائة شيخ من شيوخهم وقتل وزيره، وكان أبو عنان أرسل مع الجيش المسير لتونس الفقيه المحدّث الخطيب ابن مرزوق برسم خطبة ابنة السّلطان أبي بكر، فوقف الفقيه على والدتها، فقالت له: غدا إن شاء الله يكون الحديث بمحضر القاضي وغيره، فرجع إليها من الغد، فاختفت عنه ولم يجدها، فجدّ السّلطان في طلبها فلم يقف لها على أثر، وإنما امتنعت البنت لأنها قالت:
بلغني أن فيه خلقا يمنع عشرته، ولما رجع لفاس / ثقف الفقيه ستة أشهر، وقال: لم قصّرت في خطبتها؟
[عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين]
ثم إن ابن تافراجين لما تحقق رجوع أبي عنان إلى المغرب قدم من المهدية، وخرج بنو مرين من تونس، وكانت مدة غيبته سبعين يوما، وأقبل السّلطان ابراهيم من الجريد إلى حضرته فدخل في رابع الحجة من السنة المذكورة.
(٢٦٨) في الأصول: «يحيى» والتصويب من تاريخ الدولتين الذي ينقل عنه المؤلف، ص: ٩٧.