للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية]

وجاء أبو العلاء (*) المأمون من الأندلس، وقد خرج عليه بها الأمير محمد بن يوسف بن هود الجذامي، ودعا بنفسه لبني العبّاس فمال إليه النّاس ورجعوا عن المأمون، فلما انتهى المأمون إلى مرّاكش وجد بها المعتصم، فتواقفا فانهزم المعتصم إلى الجبل فاستولى المأمون على مرّاكش.

فجمع (٢٤٣) المعتصم رجالا وقصد المأمون بمرّاكش فهزمه المأمون مرارا وضعفت جماعته، فألجأته الضرورة إلى الاستجارة بقوم في حصن بجهة تلمسان (٢٤٤) وكان لغلام منهم ثأر بأبيه فرصده يوما وهو راكب فطعنه فقتله، واستبد المأمون بالأمور.

وكان شجاعا حازما صارما فتاكا (٢٤٥) «استدعى الأشياخ وأهل الرأي من الموحدين واستظهر عليهم بعهودهم التي نبذوها واستفتى من حضر بمشهد منهم فأفتى الفقهاء بحكم الله فحمل عليهم السّيف وأبادهم، وظهر له (٢٤٦) أن يطمس أثر دعوة / المهدي فمحا اسمه من السّكّة، وأعاد شكل الدّرهم إلى معناه، ولعنه فوق المنبر، ولما قفل من حركته التي دوخ بها المغرب إلى مرّاكش بوادي العبيد (٢٤٧) أدركه المرض فأسرعوا به ثم مات المأمون في الغزو حتف أنفه «قيل سنة ثلاثين وستمائة (٢٤٨)، وأخفى ولده موته حتى دبّر أمره وبلغ مأمنه، وهو أبو محمد عبد الواحد بن المأمون، ولقّب الرشيد، فتقدم بعد موت أبيه وغلب على أخيه الأكبر، واستبدّ بالأمر، وأعاد اسم المهدي في الخطبة، فاستمال بذلك قلوب النّاس، فملك المغرب الأقصى، وبعض الأندلس» ثم توفي سنة أربعين وستمائة (٢٤٩) غريقا ببركة من برك القصر وكتم حاجبه أمره حتى تولى بعده أخوه


(*) في الأصول: «العلى».
(٢٤٣) في ش «أجمع».
(٢٤٤) وكان يحيى بن النّاصر لما نكث الخلط بيعته لحق بعرب معفل فأجاروه ووعدوه النصرة، وأشطوا في المطالب، فآسف بعضهم بالمنع، فاغتاله في جهة تازان وسيق رأسه إلى الرشيد بفاس (الاستقصا ٢/ ٢١٩) تاريخ ابن خلدون ٦/ ٥٢٩ - ٥٣٠.
(٢٤٥) وفيات الأعيان ٧/ ١٦ - ١٧.
(٢٤٦) في ش: «لهم».
(٢٤٧) في تاريخ الدولتين: «بوادي أم الربيع» ص: ٢٦.
(٢٤٨) ١١٣٢ - ١١٣٣ م، والنقل الآتي من الوفيات ٧/ ١٧.
(٢٤٩) قالها ابن خلكان في شيء من التحفظ، وقال: «قيل وكان إلى سنة احدى وأربعين وستمائة ملك المغرب الأقصى وبعض الأندلس» ٧/ ١٧.