للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفتنة الحسينية الباشية]

ففي سنة أربعين ومائة وألف (٥٥٥) خرج الباشا - رحمه الله - خفية ليلا من تونس على حين غفلة من أهلها وطلع جبل وسلات أوّلا (٥٥٦) ثم إنتقل لمدينة الجزائر فمكث بها سبع سنين.

ففي سنة ثمان وأربعين (٥٥٧) تجهّز مع العساكر الجزيرية، وانضاف إليه من إنضاف من غيرهم، فنزلوا بسمنجة (٥٥٨)، وخرجت عساكر تونس لمدافعتهم، فلم يقدروا على مدافعتهم لما سطّر في اللّوح المحفوظ، فخرج سيدي حسين - رحمه الله تعالى - وخاصّته وأهله ونزلوا بمدينة القيروان، فظنّ خيرا ولا تسأل [عن الخير] (٥٥٩) وتفصيل ذلك يطول، والرّجوع إلى الحقيقة أحقّ ما يرغب فيه أولو العقول.

وكان الباشا - رحمه الله تعالى - يودّ لمّا دخل تونس / أن لا يخرج سيدي حسين من تونس بل يبقى على ما كان عليه، ويرجع هو للخروج بالأمحال فينتظم الحال وتتّحد الكلمة، فلمّا خرج سيدي حسين للقيروان سعى العرب في إفسادهم وانشقّت العصا، وتفرّقت الكلمة، فلمّا تفاقم الأمر أخرج الباشا عساكر لإطفاء نار الفتنة وجمع الكلمة.

ففي سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف استشهد سيدي حسين باي (٥٦٠) - رحمه الله تعالى - بعد حصار طويل من عساكر الباشا - رحمه الله - وخرّجت القيروان.

وخرج أنجال سيدي حسين - رحمهم الله جميعا - لمدينة الجزائر، فأكرموا نزلهم ومكثوا هناك. ونقل سيدي حسين - رحمه الله - لتونس ودفن بتربته المجاورة لمسجده.


(٥٥٥) غروب يوم الجمعة ١٠ رجب / ٢٠ فيفري ١٧٢٨ م: الإتحاف ٢/ ١٠٦.
(٥٥٦) بعد أن جرت معارك متعددة بينه وبين جنود عمّه، وانهزم علي باشا في آخر الأمر واخترق الصحراء إلى أن وصل إلى الجزائر ودامت المعارك بينه وبين عمه ١٨ شهرا، ورجع الأمير حسين بن علي باي إلى الحاضرة في محرّم سنة ١١٤٢ / جويلية - أوت ١٧٢٩: الإتحاف ٢/ ١١٠.
(٥٥٧) ومائة وألف، «خرج علي باشا بمحلّة عسكريّة فيها جزائريّون من الجزائر في ذي الحجّة ١١٤٧ / أفريل - ماي ١٧٣٦»: المرجع السّالف ص: ١١١.
(٥٥٨) نزل حسين بن علي باي وجنوده بسمنجة، ونزل الجزائريون مقابلين لهم من جهة الغرب (المرجع السالف نفس الصفحة.) وعن عسكر الجزائريين المصاحبين لعلي باشا وما قاموا به من معارك، أنظر تاريخ حاضرة قسنطينة ١٩ - ٢٠.
(٥٥٩) ساقطة من ش.
(٥٦٠) قتله يونس بن علي باشا بعد دخوله للقيروان إثر حصارها ثلاث مرّات وكان دخوله القيروان يوم الجمعة ١٦ صفر سنة ١١٥٣/ ١٣ ماي ١٧٤٠: المرجع السّالف ص: ١١٤.