للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهم وبمن معه من رجاله إلى بعض القرى فملكها واستحوذ عليها، ثم نهض إلى المهديّة يريد حصارها فنهض تميم للقائه، فولّت نجدة حمّو أدبارها وأسرعت فرارها ورجعوا إلى صفاقس.

ودام أمر حمّو في صفاقس زمانا واتفق أن قدم (١٠) بعض الأتراك من المشرق إلى تميم في جماعة من أصحابه ليكونوا من رجاله فأكرمهم تميم، ورتّب لهم جراية، فلم ترض كبيرهم، وبلغه عن تميم ما أوحشه وكان داهية ذا مكر وخبث (١١) فخرج هو وأصحابه مع يحيى بن تميم يتصيّد (١٢)، فأبعدوا عن المهديّة فقبض التّركي / على يحيى وعلى جماعته وولّى هاربا وأفلت رجل ممّن حضر فوصل يركض إلى تميم فأعلمه، فأنفذ الخيل في طلبه ففات ولجأ إلى صفاقس، فأكرمهم حمّو بن مليل وبالغ في التّحفّي بيحيى ومسكه عنده، ثم خاف أن يولّيه أهل صفاقس عليهم، فأحبّ إخراجه من البلد فكتب إلى أبيه يعرّفه [أنه] إن بعث أموال الترك الهاربين وأهليهم وجّه إليه إبنه يحيى، ففعل تميم ذلك ووجّه إليه إبنه يحيى، فلمّا وصل يحيى إلى تميم ردّه إلى حصار صفاقس، فحاصر حمّو أيّاما ثمّ رجع عنه، ويقال إنّ يحيى أحبّ الإبقاء على حمّو فلم يبالغ في حصاره، وكان حمّو يقول: إن هذا لعجب: بالأمس أخلص يحيى واليوم يحاصرني.

ولاّتها بعد فتح تميم بن المعز لها:

فلمّا كانت سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة (١٣) توجّه تميم بنفسه فافتتحها وفرّ حمّو منها فاستجار يمكّي بن كامل الرّياحي بقابس، وكان لحمّو بن مليل أيّام ملكه لصفاقس كاتب يعرف بمظفر إبن علي مشهور بالبلاغة وحسن الكتابة، وكان يكتب عن حمّو إلى تميم ما يغيظه (١٤) ويبلغ منه كل مبلغ، فلمّا فرّ حمّو إلى قابس لم يشعر تميم إلاّ ومظفر قائم بين يديه يطلب العفو فعفا تميم عنه مع شدّة حقده عليه، قال أبو الصّلت: ومثل


(١٠) نقل بالحذف من رحلة التّجاني ص: ٧٠ وأنظر الحلل السّندسيّة ١/ ١١٤.
(١١) كذا في ش وب ورحلة التّجاني والحلل، وفي ط: «حيل»، وفي ش: «خداع».
(١٢) في ت وب: «يتصيدوا»، وفي ط: «يتصيدون».
(١٣) ١٠٩٩ - ١١٠٠ م.
(١٤) كذا في ش والرّحلة والحلل، وفي ط وب وت: «يقبضه».