للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة الشّيخ إبراهيم الخرّاط:

وأمّا الشّيخ أبو إسحاق سيدي إبراهيم الخرّاط، فهو من أجلّ فقهاء صفاقس وشعرائها المجيدين، أخذ العلوم عن الشيخ سيدي طيّب الشّرفي، وشيخنا أبي الحسن سيدي علي الأومي، وشيخنا أبي عبد الله محمد الفراتي، إبن علي، وغيرهم من فقهاء بلده، فغرى من صغره بعلوم الأدب، وبرع في علوم البلاغة، والعروض، فبلغ أقصى الرّتب، وارتفع بذلك صيته على شعراء زمانه خصوصا وقد انقرض الشّعراء بالطّاعون، وبقي بعدهم على أنّهم لو بقوا ما نقص مقامه عمّا هو فيه من علوّ المقام، غير أنّه لا يخلو من نكبات الزّمان على جاري عادة الله تعالى في الأدباء ليكون مكفّرا لسيّئاتهم فضلا من الله ونعمة، إمتدح الأمراء غربا وشرقا، ونال منهم على ذلك العطايا الجزيلة، وله لطافة وسياسة زائدة تروّض (٣٨٦) كلّ صعب من الأمراء فضلا عمّن دونهم.

وكان والده - رحمه الله - الشيخ أبو العباس أحمد الخرّاط من مقدّمي البلد (٣٨٧) وأستاذيها، وكانت له سياسة حسنة ولطافة ومروءة، حمّالا لأذى الجفاة، صفوحا عن عوارض الزّلاّت، ومع ذلك فلم يسلم من أذى الحسدة والأعداء / فسعوا به إلى الأمير بتونس سيدي علي باي إبن سيدي حسين باي - رحم الله جميعهم - فأمر بسجنه فاشتدّ به الحال وضاقت به الحيل، فاتّفق أن مولاي علي ابن مولاي محمّد إبن مولاي إسماعيل قدم من الغرب لقابس متوجّها لحجّ بيت الله الحرام، فتلقّاه الشيخ أبو إسحاق سيدي إبراهيم الخرّاط بقابس وامتدحه بقصيدة بليغة مستشفعا به إلى السّلطان بتونس، فقبله مولاي علي المذكور، وفرح به وأكرم نزله وكتب له كتابا إلى السّلطان بتونس مستشفعا في الشيخ أبي العبّاس المقدّم، فأخذ الشيخ أبو إسحاق الكتاب وذهب به إلى تونس فقبله السلطان وقبل الشفاعة، وحسن خلاص الشيخ أبي العباس من محنته ببركة ولده.

وله قصائد ومقطعات كثيرة جمعها بنفسه في ديوان، فمن غرر قصائده القصيدة المشار إليها قوله (٣٨٨):


(٣٨٦) في الأصول: «تريض».
(٣٨٧) في الأصول: «بلاد».
(٣٨٨) في بقية الأصول: «وهذا نصّها».