للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢) المؤلف (١)

[أ - نسبه وحياته]

هو محمود بن سعيد مقديش (بفتح الميم والقاف المعقدة الساكنة والدال المهملة المكسورة) الفقيه المؤرخ المشارك في علوم.

ولد بصفاقس، في سنة ١١٥٤/ ١٧٤٢ م، ونشأ في عائلة نبيهة من أنبه بيوت صفاقس أصلها من أنشلة (Usulla) وتنسب إلى سيدي مخلوف الشّرياني إحدى قرى صفاقس من الجهة الشرقية، وتربى تربية صالحة، فقضى معظم حياته بين طلب العلم والتدريس والتأليف معتمدا على نفسه، مستهينا بالصّعاب والعقبات في عصامية نادرة لا يثبطها ولا يثني عزمها أحرج الظروف المادية.

تلقى العلم في مبتدأ أمره عمن أدركه ببلده من تلامذة الشيخ علي النوري كالشيخ محمد الزواري، والمحدث المفسر الشيخ رمضان بو عصيدة، وأخذ الفقه عن المقريء الفقيه الرياضي الشيخ علي الأومي، وشاركه في شيوخه التونسيين والمصريين، والشيخ محمد الدرناوي الليبي عند إقامته بصفاقس قبل أن يستقر نهائيا بالحاضرة، ثم التحق بجامع الزيتونة، ولقي أعلامه كالشّيخ قاسم المحجوب، والشّيخ محمد الشّحمي كبير علماء المعقولات في عصره والشيخ المحدث الفقيه الرحالة عبد الله السوسي السكتاني المغربي، وهو من شيوخ الشيخ علي الأومي، وعاقته قلة ذات اليد عن إرواء غلته من طلب العلم والإقامة بتونس، فانتقل إلى الزاوية الجمنية بجربة التي تتكفل بالإنفاق على الطلبة المقيمين بها من ريع أوقافها ومن تبرعات أهل الفضل والإحسان، وقرأ هناك مختصر الشيخ خليل بشرح الشيخ محمد الخرشي وشرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على الشيخ إبراهيم الجمني الحفيد، والشيخ أحمد بن عبد الصادق الجبالي العيادي الليبي، ثم جاور بالأزهر وهو كهل متزوج له ذرية، فأخذ العلوم الرياضية عن الشّيخ أحمد الدمنهوري وحسن الجبرتي والد المؤرخ عبد الرحمان، وأخذ عن الشيخ علي الصعيدي الفقه والحديث، وقرأ على غيرهم من شيوخ الأزهر.

ولا نعلم تاريخ التحاقه بالأزهر، ومدة اقامته بمصر سوى ما ذكره في القسم الأول من تاريخه الخاص بالجغرافيا أنه كان موجودا بالإسكندرية سنة إحدى ومائتين وألف / ١٧٨٦، ولعل ذلك كان لعرض التجارة.

وكان مدة مجاورته بالأزهر ينسخ الكتب الثمينة، ثم يؤوب إلى بلده صفاقس، ويبيع ذلك إلى علماء المدينة، ويترك محصول ذلك لزوجته وذريته، ويرجع إلى القاهرة لاستكمال قراءته، وبعد تخرجه من الأزهر انتصب للتدريس مجانا ببلده، قال الشيخ ابن أبي الضياف: «ولما تضلع من العلوم رجع إلى بلده صفاقس فأفاد وأجاد ونفع العباد، وتزاحمت على منهله الورّاد، وأفنى عمره في هذا


(١) يوجد بالمكتبة الوطنية بتونس مخطوط مسجل تحت رقم ٢٣٥ به ترجمة محمود مقديش وكاتبها مجهول ويبدو من النص أنه أحد تلاميذ من أخذوا عن هذا المؤرخ، وركز فيها على انتاجه وصفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>