للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي]

وفي الليلة الموفية (١٨٤) عشرين من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وسبعمائة (١٨٥)، توفي الشّيخ الفقيه الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن راشد القفصي البكري بمدينة تونس شارح ابن الحاجب، أصله / من قفصة ونشأ بها وقرأ، ثم انتقل إلى تونس، وأخذ عن ابن الغمّاز ثم انتقل للمشرق، فلقي أعلاما كناصر الدّين بن المنيّر والأبياري، وشهاب الدين القرافي، وتقي الدين بن دقيق العيد، وشمس الدين الأصفهاني وغيرهم، وأتقن قراءة المعقولات وحج وزار، ولما عاد من المشرق وقدم لقضاء بلده قفصة حسد وسلق بألسنة حداد، وطرأت (١٨٦) عليه غصائص وقدّم لقضاء الجزيرة القبلية، ثم عزل وأخمل ذكره وناوأه القاضي أبو اسحاق بن عبد الرفيع فلم يتركه يخرج رأسه طرفة عين حتى لقد منعه الجلوس للوعظ بجامع القصر الأعلى وقال له: إن دخلته كسرت رجليك، فكان ابن راشد يقول: أتمنى أن أجلس أنا وهو للمناظرة حتى يظهر الحق ومن هو المقدم في العلم، وله تصانيف منها «تلخيص المحصول» و «نخبة الراحل في شرح الحاصل» و «الفائق في الأحكام والوثائق» في ثمانية أجزاء و «الشهاب الثاقب في شرح ابن الحاجب» في ثمانية أجزاء و «المذهب في ضبط مسائل المذهب» في ستة أسفار و «تحفة اللبيب في اختصار ابن الخطيب» في أربعة أسفار و «المذاهب السّنية في علم العربية» و «المرتبة العليا في تعبير الرؤيا».

قال الشّيخ ابن عرفة: حضرت جنازته بعد أن جلس الفقيه [ابن] (١٨٧) الحباب بالجبانة مستندا إلى حائط في جبانة أخرى، وكان بالأخرى مستندا إلى ذلك الحائط الشّيخان القاضي ابن عبد السلام والمفتي / ابن هارون، فأخذ [ابن] الحباب في الثناء على ابن راشد، وذكر من فضائله وعلمه ما دعاه الحال إلى أن قال: ويكفي من فضله أنه أول من شرح «جامع الأمهات» (١٨٨) لابن الحاجب، وجاء هؤلاء السرّاق - وأشار إلى


(١٨٤) النقل مستمر من تاريخ الدولتين ص: ٧٣.
(١٨٥) ٣ فيفري ١٣٣٦ م.
(١٨٦) من تاريخ الدولتين: «وجرت».
(١٨٧) ساقطة من الأصول.
(١٨٨) هو كتاب من الفقه المالكي ويقال له ابن الحاجب الفرعي تمييزا له عن تأليفه في الأصول الذي يقال له ابن الحاجب الأصولي أو الأصلي.