للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصن بالجزيرة يتحصّنون به، فوقفوا وقاتلوا عن (٣٧٨) أنفسهم وحريمهم، فقتلوا من النّصارى نحو أربعمائة، واستشهد من المسلمين نحو المائتين، وأسّر باقيهم، واستولى العدو على ما في الجزيرة، وكان السّلطان قد انصرف إلى المغرب، فلما وصل إلى قفصة بلغه خبر العمارة، فجدّ في السّير إلى أن اتفق وصوله ووصول النّصارى لصفاقس فطلبوا من السّلطان الأمان لينزلوا ويتحدّثوا في فدية المسلمين، فأعطاهم الأمان ونزل منهم نحو ستمائة نفس من كبارهم، فأعطاهم السّلطان خمسين ألف دينار فدية فأبوا، فأتى المرابط بن أبي صعنونة للسّلطان وقال له: «النّصارى خانوك فانهم بعثوا رسلهم للصّلح، وفعلوا ما فعلوا وليس لخائن أمان، فالرأي الصّواب عندي القبض على هؤلاء حتى يردوا المسلمين فأبى ذلك، وقال: لا، [لئلا] (٣٧٩) يتحدث الناس (٣٨٠) أني خائن نعطي الأمان ونخون نعوذ بالله من ذلك، فقال له المرابط: إذا لم تفعلها أنت نفعلها أنا، تمشي أنت تتصيد وأنا نأخذهم في غيبتك، فنهاه وطلعوا لأجفانهم على الأمان، وسافروا بالمسلمين لبلدهم، ولكن بعد ذلك افتداهم كما افتدى أكثر أسارى المسلمين من أيدي الكافرين لأنه التزم فداء جميع من يرد لمرسى تونس من الأسارى من بيت المال مدّة حياته، وأوصى تجّار النّصارى من جميع أجناسهم / أن يأتوه بكل من يقدرون عليه من أسارى المسلمين، وعيّن لهم في كل شاب منهم من ستين دينارا إلى سبعين، وفي كل شيخ وكهل من الأربعين إلى الخمسين، فما مضت مدّة يسيرة حتى جاء تجّارهم بعدد كثير من الأسارى ففداهم جميعا من بيت المال، وما زال يفعل ذلك مدّة حياته، ثم أوقف أوقافا كثيرة معتبرة، وحفظ مجابيها، وكلّما يتحصل من المجابي يشتري بها ربعا برّانيا ودخلانيا بحضرة تونس أعدّه لفداء الأسارى بعد وفاته».

[حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط]

وفي سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة (٣٨١) عمّر من تونس أسطولا كبيرا وبعث معه مملوكه القائد رضوان أميرا عليه، وأمره أن يسافر به إلى جزيرة مالطة - دمّرها الله - وينازلها ثلاثة أيام فإن تيسر أخذها وإلاّ رحل عنها، فلما وصلها ضيّق عليها أشدّ الحصار، ثم أقلع عنها بعد أن أشرف على أخذها.


(٣٧٨) في ش: «على».
(٣٧٩) ساقطة من الأصول.
(٣٨٠) كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش: «يتحدث الناس بي».
(٣٨١) ١٤٢٨ - ١٤٢٩ م.