للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصفاقس ذهب لتونس واستشفع بإخوانه الفقهاء كالشّيخ أبي عبد الله سيدي محمّد الغرياني وأضرابه، فعرّفوا الأمير بحقيقة الشّيخ وسعيه في إحياء السّنّة وإماتة البدعة وما هو عليه من نشر العلم ونفع العباد به، وإنّ ما فعله به بنو جلود إنّما هو لبغضهم في السّنّة وأهلها، فقبل شفاعتهم في الشّيخ وفرح به وأكرم نزله وأزال ما كان عليه من الغرامة وردّ عليه ما بذله (٥٧٥) ظلما وأرجعه إلى وطنه مسرورا مجبورا، فأقام بزاويته حتّى حضرت منيّته سنة نيف وسبعين ومائة وألف (٥٧٦).

ترجمة الشّيخ أحمد بن علي

ابن عبد الصّادق الطرابلسي الحامدي:

وأمّا الشّيخ (٥٧٧) أبو العبّاس سيدي أحمد إبن الشّيخ الصّالح سيدي علي بن عبد الصّادق الطرابلسي (٥٧٨) فإنّه - رحمه الله - كان رجلا فاضلا فقيها محدّثا نحويا عارفا بالسّير والمغازي وأيّام النّاس ووقائعهم، له بمختصر الشّيخ خليل خبرة زائدة واعتناء كبير، وكان في غاية ما يكون من الفصاحة، كامل القامة، حسن الصّورة والسّيرة، ذا مروءة وشهامة وهمّة. كان والده من تلاميذ سيدي إبراهيم بن عبد الله الجمّني، وشرح صغرى الشّيخ السنوسي، والمرشد المعين وغير ذلك، فتفقّه سيدي أحمد صاحب التّرجمة بوالده المذكور، ثمّ رحل إلى مصر فتفقّه / بالشّيخ البليدي وغيره، وكان سريع الحفظ، وكثير النّقل، ولمّا رجع إلى طرابلس سعى به بعض الحسدة عند سلطانها فخاف البطش به ففرّ لفزّان فأقام عند أميرها عزيزا مكرّما حسن المثوى (٥٧٩) وجعله مستشارا في أحكامه، ما وافق منها الشرع أمضاه وما خالفه ردّه، فأقام عنده مدّة، فلمّا أحسّ بعدم الطّلب له وأمن من الشّر رجع إلى طرابلس وتزوّج بها واشتغل بالعلم، وصاحبه الشّيخ أبو عبد الله محمّد أبو عتور الصّفاقسي، فسعى به الحسدة، ففرّ لجزيرة جربة بنفسه، فنزل على الشّيخ سيدي إبراهيم الجمّني بن محمّد، فقبله وأكرم نزله، وعرّفه


(٥٧٥) في ش: «ما بذل له»، وفي ب: «ما قدمه»، وفي ط وت: «ما غرمه».
(٥٧٦) بعد سنة ١٧٥٧ بقليل.
(٥٧٧) في بقية الأصول: «شيخنا».
(٥٧٨) الحامدي نسبة إلى ساحل حامد.
(٥٧٩) في ش: «المثوا».