للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة الشّيخ علي بن عمر ابن الشّيخ علي الكرّاي:

ولمّا مات - رحمه الله تعالى - قام مقامه سيدي علي شايب الأذرعة فقام بتربية المريدين، وقصده النّاس فسار على طريقة آبائه الكرام، فظهرت منه بركات عظيمة، ومناقب جسيمة، ومكاشفات كريمة، فكان ينظر إلى السّماء ويخبر بما فيها من العجائب حتّى اشتهر ذلك عنه، وسمع به أخوه سيدي محمد، فكان معه يوما مارّا في بعض سكك البلد (٦٣٨) فرفع بصره إلى السّماء وقال: يا سيدي محمد أنظر كم في السّماء من أزقّة وانظر إلى الفلك الذي في السّماء كيف يدور فنظر / إليه سيدي محمد وقال له: بحقّ ما سمعت عنك، افتح فاك يا علي، ففتح سيدي علي فاه، فتفل فيه سيدي محمد، فانحطّ نظر سيدي علي قليلا عمّا كان يعهده.

فكان ذات يوم فوق سور البلد فقال لأناس كانوا معه: الآن خرجت القافلة من القيروان، وفي المنكب الأيمن جمل صفته كذا، ويقدم القافلة جمل صفته كذا، فضبط ذلك الوقت، فلمّا قدمت القافلة سلّموا عليهم وسألوهم عن وقت خروجهم من القيروان، فأخبروا بما يطابق ما قاله الشّيخ، وبالجمل الذي كان في المنكب الأيمن والذي كان يتقدّم القافلة على نحو ما قاله الشّيخ.

ولمّا أتت العمارة لقرقنة قال لأهل الزّاوية: لا تفتحوا عليّ باب الخلوة حتّى أفتحها بنفسي ولو مكثت أياما، فغلق عليه الباب بعد صلاة الظّهر والعصر، فكانوا يسمعونه يكرّ ويفرّ وينتده (٦٣٩) ويصرخ بقيّة نهاره وعامة ليلته وصبيحتها، ثمّ فتح الباب على نفسه فوجدوه مجروحا ملطّخ الثّياب بالدّماء، فغسلوا ما بها من الدّم وطلب كمّونا فتداوى به.

وسبب هذه العمارة أنّ بلاد جنوة كان الحاكم عليها إمرأة نصرانية، وكان لها ولد يعزّ عليها، فركب سفينة سافر فيها لبعض بلادهم متنزّها مع وجوه قومه، فوقع عليهم النوّ فأدّتهم إلى قرقنة فشحط (٦٤٠) المركب فأخذهم أهل قرقنة وحملوهم لتونس لسلطان الوقت، فسمعت تلك الكافرة فجعلت عمارة في أسطول (٦٤١) ضخم فأخذوا جميع من


(٦٣٨) في بقيّة الأصول: «في سكك بعض البلد».
(٦٣٩) في بقيّة الأصول: «يتنده».
(٦٤٠) في الأصول: «شحطت».
(٦٤١) في الأصول: «أصطول».